من يرغب بوزارة الدفاع؟

TT

من خلال مراجعة الترشيحات السابقة لمنصب وزير الدفاع في الحكومة العراقية، نجد أن زعيم القائمة العراقية أو من يقف وراءه غير جاد فعلا بتقديم شخص يحظى بقبول الأطراف الأخرى، ومن ينل هذه الثقة يتم سحب ترشيحه قبل التصويت عليه من قبل البرلمان أو حتى عرضه على البرلمان في حالة تشبه عملية «جر الحبل» التي يعرفها الجميع.

فماذا تريد القائمة العراقية؟ أو بالتحديد من هو المرشح الذي تريد القائمة تقديمه ليصبح وزيرا للدفاع؟ الذي يتابع العملية السياسية في العراق وطرق الخروج من أي أزمة تعتريها يجد أنها تتبع مسارات خنق الأزمة لدرجة أن يصل المواطن العراقي للقبول بأية حلول طالما أنها تؤدي للخروج من الأزمة، حتى وإن كانت هذه الحلول صعبة القبول، وهذا حدث أكثر من مرة وفي أكثر من أزمة، أبرزها أزمة تشكيل الحكومة العراقية نفسها وما ترتب عليها من تنازلات صعبة قدمتها بعض الأطراف، وتنازلات أخرى قدمها الدستور العراقي الذي تم خرقه أكثر من مرة لغرض الوصول لقواسم مشتركة بين الأطراف السياسية، وبالتالي وجدنا أن التوافقات تغلبت على مواد الدستور.

لهذا أجد أن منصب وزير الدفاع الآن يمثل طموح رئيس القائمة العراقية الدكتور إياد علاوي، وربما يستغرب البعض من هذا، وقد يقولون بأن الرجل رفض منصبا أعلى من هذا في المفاوضات السابقة، ويستعد لأن يتسلم منصب رئيس مجلس السياسات الاستراتيجية الذي تجري مناقشة قانونه في البرلمان، وهنالك مؤشرات كبيرة وكثيرة على تمريره على الرغم من تعارض الكثير من فقراته مع الدستور العراقي، خاصة أنه أحد البنود المطروحة في مناقشات اللقاء الوطني المرتقب، وعلى الرغم من أن البعض اعتبره منصبا ومجلسا لإرضاء طرف من أطراف العملية السياسية، بدليل أن إحدى فقراته تقول إن هذا المجلس لدورة انتخابية واحدة ما لم تكن رغبة لدى أطراف العملية السياسية بتمديد عمله لدورات مقبلة.

وعلى الرغم من أن هذا المجلس الذي لاقى معارضة قوية منذ التفكير فيه واعتباره جزءا مهما من مبادرة أربيل التي كانت حجر الزاوية في تشكيل الحكومة العراقية الحالية، فإن هذا المجلس لم يعد يمثل طموح الدكتور علاوي الذي وجد نفسه بشكل أو بآخر خارج حسابات العملية السياسية في البلد، بعد أن أخذ الشركاء في القائمة العراقية نصيبهم من المناصب في الوزارات والرئاسات الثلاث، وحسب مقاعدهم في القائمة العراقية، وباتوا مقتنعين بأن ما حصلوا عليه استحقاق مكون اجتماعي وليس انتماء للقائمة العراقية، بدليل أنهم تفاوضوا منفردين إبان تشكيل الحكومة، في عملية بدت للجميع في حينها كأن القائمة العراقية في طريقها للذوبان، وهذا ما حصل بخروج العراقية البيضاء منها، إضافة إلى عدد من النواب الذين انسحبوا لصالح العراقية البيضاء التي مثلت حتى هذه اللحظة خطا معتدلا يقترب كثيرا من الليبرالية ويبتعد عن التخندق الفئوي، هذا التخندق الذي جعل كتلة التوافق في البرلمان تعلن انضمامها للعراقية، لتشكل بالتالي كتلة لمكون معين بامتياز، وهذا ما يضفي من جديد طابع الطائفية على الكتل السياسية العراقية، ولا يمكن أن يمثل بالتأكيد عنصر قوة للقائمة العراقية، كما يتصور البعض، بقدر ما يمثل خلق توازن طائفي بين الكتل السياسية الكبيرة، وهذا التوازن لم يعد يمثل ثقلا استراتيجيا في البرلمان، بحكم أن الغالبية العظمى من الكتل المنضوية في العراقية هي جزء مهم من حكومة الشراكة، إلا أن السبب في انضمام التوافق يكمن في سعيها لأن يشغل سعدون الدليمي منصب وزير الدفاع حيث يحظى بتأييد دولة القانون، التي تستند لاتفاقية أربيل، من أن وزارتي الدفاع والداخلية للمكونات «السنة والشيعة»، وليس بالضرورة أن يكون من حصة قائمة معينة، وهذا الانضمام بحد ذاته يمثل نهج بعض أطراف القائمة العراقية لإبعاد علاوي عن منصب يسعى إليه بقوة كمنصب وزير الدفاع الذي ظل شاغرا منذ تشكيل الحكومة وحتى يومنا هذا.

لهذا أجد أن أبرز الحلول التي يجب أن تناقشها أطراف العملية السياسية في العراق مجتمعة هي ترشيح الدكتور إياد علاوي لمنصب وزير الدفاع، وهذا ما يجعلنا نحافظ على الدستور العراقي من أن يتم خرقه بقانون مجلس السياسات الذي لن يخرق الدستور فقط، بل يلغيه ويجعله مجرد كراس تم طبعه نهاية عام 2005.