الخيار الوحيد بشأن إيران

TT

نشعر بالقلق من الثرثرة عن احتمال توجيه ضربة عسكرية ضد إيران بسبب المخاوف المتنامية بشأن بعض جوانب برنامجها النووي. ولن تكون مثل هذه الضربة انتهاكا سافرا لميثاق الأمم المتحدة فحسب، بل يمكن أن تكون أيضا لها تبعات خطيرة على المنطقة وأن تأتي بنتائج عكسية تتناقض مع جميع الأهداف التي دفعت إلى توجيهها بالأساس. بالكاد لا يوجد سبب يدفع إيران، على الأرجح، نحو اتخاذ قرار نهائي بامتلاك سلاح نووي أكبر من توجيه ضربة عسكرية ضدها. وبمجرد اتخاذ هذا القرار، ستكون المسألة مسألة وقت فقط قبل أن تصبح المخاوف من تسلح إيران نوويا حقيقة واقعة.

وتشير تقارير تحليلية مهمة إلى امتلاك إيران أسلحة نووية حتى عام 2003. وعلينا ألا ننسى أن تلك الفترة كانت فترة شاع فيها الحديث عن امتلاك صدام حسين، الذي شن حربا شعواء ضد إيران آنــذاك، لبرنامج تسلح نووي. وشهدت السنوات التالية مواقف صارمة قاسية وعقوبات مشددة، مثلما شهدت فرصا دبلوماسية ضائعة.

لا يوجد كبير شك في أن الموقف الإيراني كان واضحا عام 2003 وخلال الفترة التالية، لكن السياسة الأميركية في ذلك الوقت كانت تحول دون اكتشاف تلك الفرص، كذلك لا يوجد عظيم شك في أن الصراع الداخلي في إيران بعد انتخابات عام 2009 حال دون قبولها لعرض كريم وبناء يتعلق بمفاعلها النووي البحثي.

في رأينا ليس هناك شك كبير في أننا كنا لنكون في وضع أفضل الآن لو قمنا بالمزيد من الخطوات الاستكشافية للقنوات الدبلوماسية التي عرضتها تركيا والبرازيل في ربيع عام 2010. والآن تمنح الدبلوماسية فرصة أخرى بعد نحو عامين من الجمود. وينبغي أن يكون هدفنا هذه المرة هو انخراطا دبلوماسيا يمتلك مقومات استمراره من أجل بناء الثقة عبر اتخاذ سلسلة من الخطوات؛ فجسر مثل تلك الهوة من عدم الثقة لن يتحقق بين عشية وضحاها. ومثلما تتمتع إيران بحقوق، بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، عليها أيضا التزامات. ويجب أن تفهم أن سلوكها هو ما أثار الشكوك في نواياها. ومن مصلحة إيران التفكير في اتخاذ خطوات من شأنها إصلاح الوضع الراهن.

ومنذ عام 2003 وحتى بداية عام 2006 نفذت إيران، طوعا، البروتوكول الإضافي الذي يشمل إجراء تفتيشيا شاملا من الخارج، وسيكون اتخاذ بضع خطوات باتجاه بناء الثقة أهم من معاودة إيران الالتزام بهذا البروتوكول. بالتأكيد نظام التفتيش والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الأمور الأساسية في أي اتفاق خاص بالبرنامج النووي بين إيران والمجتمع الدولي.

إضافة إلى ذلك، يبدو أن إيران أوشكت على الانتهاء من إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20% الذي تقول إنها تحتاجه من أجل تشغيل مفاعل الأبحاث لديها؛ لذا سيكون من المنطقي وقف نشاطها. وستستغرق عملية بناء مفاعلات أبحاث نووية جديدة وقتا طويلا، مما يتيح تحديد إجراءات وقائية دولية بشأنها. وسنظل ننتقد أوضاع حقوق الإنسان في إيران، وسنستمر في لفت انتباه العالم إليها. مع ذلك ينبغي على الدول، التي ستستأنف المباحثات مع إيران قريبا، التأكيد أن هدفها ليس تغيير النظام في طهران، بل مناقشة إيران بشكل شامل في مختلف القضايا. على سبيل المثال نهتم كثيرا بتحديث إيران، وينبغي أن نعلن استعدادنا لمساعدتها في هذا الشأن. ويعتبر تحديث قطاع الطاقة من الحاجات الملحة؛ فهناك فرص مستقبلية في الدولة بالنظر إلى اقتصادها المتنوع. وينذر توجيه ضربة عسكرية ضد إيران بإثارة مواجهة لا يعلم عواقبها أحد في المنطقة. ويمكن أن تؤدي تلك الاضطرابات في النهاية إلى اتجاه عدة دول نحو التسلح النووي في منطقة تعتبر من أكثر المناطق عرضة للاشتعال في العالم. ويمكن أن تندلع حرب بين الغرب والعالم الإسلامي أو بين دوله. ولسنا نتحدث فقط عن منح الدبلوماسية فرصة، بل نتحدث عن الاعتراف بأن الدبلوماسية هي البديل الوحيد للذين يحاولون التوصل إلى حل دائم للملف النووي الإيراني وإحلال السلام في المنطقة؛ فالخيارات الأخرى لن تؤدي سوى إلى الحرب وتشبث إيران بامتلاك السلاح النووي على الأرجح.

وقد أورد التقرير الأخير، الصادر عن مجموعة الأزمات الدولية، الخيارات المطروحة على الطاولة. وتتطلب الدبلوماسية عزما وصبرا، لكن الأهم من ذلك هو الاعتراف بأنها الخيار الوحيد المتاح أمامنا.

* كارل بيلت وزير خارجية السويد وإيركي توميجا وزير خارجية فنلندا

* خدمة «نيويورك تايمز»