اجتماعات تهدر أوقات المديرين

TT

تتبع مجموعة من الباحثين سجل المواعيد لنحو 500 مدير تنفيذي حول العالم لمعرفة كيف يستغل هؤلاء أوقاتهم، فتوصل الباحثون إلى نتيجة مهمة وهي أن المدير التنفيذي يقضي معظم وقت العمل في الاجتماعات بواقع 18 ساعة من أصل ما متوسطه 55 ساعة عمل أسبوعيا.

وتوصلوا في الدراسة، التي جُمعت نتائجها من 3 دراسات مختلفة عن المديرين التنفيذيين في أماكن متفرقة من العالم، إلى أن المدير التنفيذي يقضي ساعتين في المكالمات الهاتفية ومثلهما في انشغاله في حضور المؤتمرات ومثلهما أيضا للمناسبات العامة، وخمس ساعات في غداء عمل ولا يمضي وقته منفردا سوى لمدة 6 ساعات.

وأنا أقرأ نتائج هذه الدراسة، التي نشرتها «الخليج» الإماراتية السبت الماضي، تساءلت إذا كان هذا الوقت الذي يمضيه المدير الغربي فكم من الوقت يقضيه المدير العربي يا ترى؟! واقع الحال يقول إن اجتماعاتنا تشهد تضييعا مماثلا للوقت من جانب المديرين أنفسهم والمشاركين في الاجتماعات. فأضحت اجتماعاتنا ولائم يدعى إلى مائدتها القاصي والداني وكأن الدعوة للاجتماع نوع من أنواع التقدير المعنوي. فكرة الاجتماع نبعت من الحاجة إلى دعوة ذوي الشأن في الموضوع المطروح للنقاش وليس كل من هب ودب. كما أن عدم دعوة شخص بعينه لا يعني أبدا محاولة للتقليل من شأنه فقد يكون ذلك حرصا من المدير على أن يستغل الموظف وقته في أمر أهم.

وأكاد أجزم أن أكثر ما يهدر أوقاتنا في الاجتماعات هو كثرة عدد المشاركين وغياب الأجندة الواضحة وعدم التحضير المسبق للاجتماع فتكون النتيجة إهدار مزيد من الوقت. ومن أسوأ ما رأيت في اجتماعات عديدة شاركت فيها في عالم الأعمال ولجان القطاع العام والعمل التطوعي والنقابي أن هذه الاجتماعات لا تتمخض عن قائمة بالمهام المطلوب إنجازها وتحديد اسم الفرد المسؤول والمدة الزمنية المتوقعة للإنجاز فتصبح اجتماعاتنا عديمة الجدوى، فلا نشعر بجدواها الحقيقية. بل نجد كثيرا من الناس يجرون خطاهم جرا إلى قاعة الاجتماع لأنهم يعلمون مسبقا ما هو السيناريو المحتمل أو الممل. كما أن تراخيهم في الذهاب إلى الاجتماع ربما مرده إلى أن مدير الاجتماع لا يلتزم بوضع موعد محدد للانتهاء من الاجتماع وهو من أبسط قواعد العمل التنظيمي.

ونلاحظ أن كثيرا من الناس ينتابهم شعور وهمي بالإنجاز وهم يهمون بالخروج من قاعة الاجتماع خصوصا بعد نقاش مستفيض ناسين أن قيمة الاجتماع تكمن فيما ينجزه لاحقا من مهام أوكلت إلى المشاركين فيه.

ولا ألوم ذلك الشخص الذي قال إذا أردت أن تئد موضوعا أو مشروعا ما في الوطن العربي فشكل له لجنة! وهذا الاعتقاد الشائع لن يتغير إلا حينما ندرك قيمة الاجتماعات، وأن نتعامل مع «وقت الاجتماع» مثلما نتعامل مع «النقود»، التي لا يمكن أن نفرط فيها ما لم يكن هناك حاجة فعلية تستدعي ذلك.

* كاتب متخصص في الإدارة

[email protected]