ليس دستورا وليس مصريا!

TT

ما يحدث الآن في لجنة تأسيسية الدستور المصري في البرلمان، هو مهزلة بكل المقاييس، والسكوت عنه جريمة، والمشاركة فيه عار على الديمقراطية!

الذي أوصى به البرلمان المصري، هو أن تكون الهيئة التأسيسية لكتابة الدستور المصري الجديد، نصفها من أعضاء البرلمان والنصف الآخر من خارجه.

هذا البرلمان، الذي يعتبر الأول والذي يأتي عقب ثورة 25 يناير 2011، والذي يطلق على نفسه أنه برلمان الثورة، بينما عدد الثوريين فيه لا يزيد على عشرة مقاعد على أقصى تقدير، اخترع لنفسه بدعة جديدة في نظام صياغة الدساتير.

ويتفق كل الفقهاء الدستوريين في مصر، على أن البرلمان ليس جهة وضع أو صياغة بنود الدستور.

الدستور، في الدول المتقدمة، التي تحترم شعوبها هو العقد العام بين الدولة والمواطنين، بصرف النظر عن نوعية أو اتجاه النظام السياسي الحاكم، لذلك يجب أن يكون وثيقة معبرة عن المواطنين وليس عن اتجاه غالب فيهم، حتى لو كانت لديهم الغلبة التشريعية.

الفريق أو الحزب ذو الأكثرية أو التيار الذي تتوافر له الأغلبية اليوم مما يتيح له حق تشكيل الحكومة، قد يكون غدا في خندق الأقلية بعيدا عن الحكم والحكومة.

الدستور لا يكتبه الحزب الفائز، ولا تصوغه إرادة الأغلبية، لكنه وثيقة توافقية تمثل الشرائح العريضة للمجتمع، لذلك يعتقد كل أصحاب العقول المستنيرة والضمائر الحية، أن الضغوط الهائلة التي قامت بها جماعة الإخوان، ممثلة في حزب الحرية والعدالة داخل البرلمان للوصول إلى صيغة الهيئة التأسيسية هي «اختراع» غير مسبوق، وهي نموذج لسياسة غطرسة القوة من الأغلبية على الأقلية.

في التصويت على القرارات، تظهر مسألة الأغلبية والأقلية، وهي حق مشروع وسلوك منطقي وتعبير ديمقراطي، ولكن في كتابة دستور لشعب أصيل مثل الشعب المصري له تاريخ دستوري عميق، لا يصح أن تكون مسألة المطالبة هي التي تدير الدستور.

وإذا كانت مشاعر الغلبة الآن تسيطر على التيارات الإسلامية في البرلمان المصري، فإن فقهاء الدستور يؤكدون أن أسلوب تشكيل الهيئة التأسيسية سيؤدي بالضرورة إلى الطعن في دستورية الدستور!

وكما قال أفلاطون: الديمقراطية أحيانا هي عمل سيئ يديره بعض الأشرار!