لافروف.. لا فض فوه!

TT

كان حديث وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مؤخرا، إلى إذاعة «كوميرسانت - إف إم» الروسية، هو الأكثر صراحة وتعبيرا عن بواعث الموقف الروسي تجاه المشكلة السورية.

الرجل كان في غاية الصراحة، وبعيدا عن العبارات الخادعة على عادة الدبلوماسيين، قال الكلام الذي نتوقع أنه يقال بين ساسة الغرب حول الأزمة السورية خلف الكواليس، بعيدا عن نفاق بعض الغربيين أو جبنهم عن التصريح بحقيقة الباعث العميق لتخاذلهم عن اقتلاع نظام الأسد لصالح الشعب السوري الثائر منذ أزيد من عام، كما فعلوا مع نظام مبارك وبن علي والقذافي.

لافروف شرح في الحوار، الذي نشره موقع «روسيا اليوم»، تقدير الموقف «العميق» والمشترك من الأزمة السورية بينهم وبين الجانبين الأوروبي والأميركي. إذ قال، لا فض فوه، بالنص مخاطبا محاوره: «أنت قلت إن موقفنا من سوريا يختلف عما يفكرون به في الغرب مثلا. وأنت تعرف بالذات أنهم يفكرون هناك بشكل لا يختلف أبدا عما نورده في موقفنا. هناك يفكرون بالأسلوب ذاته بدقة تماما. والاختلاف هائل بين ما يناقشونه بهدوء في سكون المكاتب وهيئات الأركان العامة، وبين ما يقال علنا في العواصم ذاتها».

حسنا، وما هو الموقف الروسي الذي يرى لافروف أن الغرب لا يختلف معهم فيه في تقدير الموقف بسوريا؟

يتحفنا لافروف مواصلا: «إنهم يدركون هناك كل الإدراك أنه منذ أبريل (نيسان) الماضي حين نشرت لأول مرة الأنباء حول ظهور مسلحين في صفوف المتظاهرين في سوريا، الذين يستفزون السلطات لإبداء رد فعل لا يتناسب مع الحدث».. أي اعتماد رواية النظام السوري تماما للحدث.

لماذا هذا الموقف المشين والمتفق عليه ضمنا بين الروس والغرب لتذويب وتنفيس الثورة السورية، ومنح النظام جرعات التنفس المتواصلة؟

فتش عن الخوف من الأغلبية السنية، أتحدث هنا بمعنى سياسي صرف لا طائفي ديني ضيق، باعتبار الهاجس الديني جزءا أساسيا من محددات السلوك السياسي. فروسيا لديها هاجس ضخم من الانبعاث الإسلامي في حديقتها الخلفية الآسيوية، ولافروف علق باستفاضة حول الخوف من المشهد الأفغاني على حلفاء روسيا في هذا الحوار.

لكن هذا الخوف وصل إلى مداه المرضي حينما صرح لسان الروس وعقلهم، لافروف، بأن الخوف هو في وجود نظام سني بديل للحكم في سوريا. قال بالنص: «إن الصراع يدور في المنطقة كلها، وإذا سقط النظام الحالي في سوريا، فستنبثق رغبة قوية وتمارس ضغوط هائلة من جانب بعض بلدان المنطقة من أجل إقامة نظام سني في سوريا، ولا تراودني أي شكوك بهذا الصدد. ويقلقنا في هذا الوضع مصير المسيحيين، وهناك أقليات أخرى كالأكراد والعلويين وكذلك الدروز».

من الواضح أن لافروف تبنى بالكامل رواية الأسد وملالي طهران وأصوات الطائفية المتشنجة في لبنان مثل الجنرال عون، ووضع بلده في مواجهة العالم الإسلامي بأكثريته السنية، فوقع من حيث يريد الفرار في خندق التهييج الطائفي. وتناسى حتى موقف زعيم الدروز الشهير وليد جنبلاط المساند للثورة السورية، مثلا. هل بشار هو الذي ينشر مناخ الاعتدال الطائفي، أم هو الذي يغذيه بسلوكه الإجرامي الطائفي، هو وملالي الخمينية الإيرانية؟! ذاب الثلج وبان المرج، هذه الطريقة في مقاربة الأزمة السورية تثير الذهول فعلا في مدى السطحية السياسية الروسية ومدى هشاشة الغرب في مسايرة الروس بهذا المسار..

[email protected]