عشية انعقاد القمة.. ضرورة الانفتاح بين السعودية والعراق

TT

بعد بوادر الانفراج السياسي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية العراق، لا سيما منها فتح السفارة السعودية وتأكيد المشاركة السعودية في مؤتمر القمة العربية المزمع انعقاده في بغداد، وبأعلى المستويات، ثمة ضرورات ملحة للانفتاح الاجتماعي بين البلدين على الصعد كافة، سواء في الجانب التعليمي أو الثقافي أو الرياضي، إذ مضى زمن طويل على غلق الحدود وتقنين الزيارات بين مواطني البلدين الشقيقين لأسباب معروفة، كان يقف في مقدمتها سلوك النظام الشمولي في العراق وتحويل الوطن إلى سجن كبير، ووضع الحواجز والعراقيل أمام أية محاولة للانفتاح على دول الجوار، العربية منها والأجنبية - على الرغم من ادعائه الوحدة العربية - لعزله عن رؤية ما يحدث من تقدم وتطور فيها.

وبعد زوال النظام الشمولي عام 2003 وما رافقه من ظروف الاحتلال والاقتتال الطائفي المفتعل سياسيا، بتنا بحاجة ملحة لإعادة الأمور إلى طبيعتها بين العراق ودول الخليج ولا سيما السعودية، فإلى متى نبقى أسيري المصالح السياسية الضيقة، فمن غير المعقول تغذية هذا النفور من قبل البعض الذين فصّلوا الدين وفق مقاسات مصالحهم.

نحن على يقين بأن رجال الدين الحقيقيين ورجال السياسة المحبين لوطنهم هم بالضرورة مع احترام مشاعر الأخوة بين الشعبين وينبذون ما يحدث من جفوة تقوم بتغذيتها مجاميع متطرفة ومتعصبة.

وإذا اطلعنا على وضع العلاقات بين العراق والكويت مثلا قبل غزو صدام، لوجدنا هناك علاقات حميمة بين أهالي البصرة وشعب الكويت عبر شبكة تفاعل اجتماعي غاية في الانسجام، ولم يكن حينها من يتحدث بلغة البعد الطائفي، حتى إن أهالي البصرة كانوا يتابعون التلفزيون الكويتي بدلا عن تلفزيون بغداد! إذن، ما حدث من تأجيج طائفي قامت به مجاميع مسلحة مرتبطة بأجندات أجنبية.

ما نريد قوله هو إن عموم الشعب العراقي تواق إلى الانفتاح السياسي والاجتماعي مع المملكة، وهناك أطراف تسعى إلى ديمومة هذا النفور عبر ضخ البالونات الإعلامية، وكان السياسي العراقي هو إمعة بيد إيران، ومن هذه البالونات الإعلامية دخول الإيرانيين وانتشار اللغة الفارسية في البصرة، في حين أن العراقيين الكرد الذين هجرهم صدام إلى إيران لم يستطيعوا العودة إلى العراق، والقسم الأعظم منهم فضل البقاء في إيران جراء المعاملة السيئة لهم بوصفهم أجانب، وغالبيتهم إلى الآن لم يستردوا جنسيتهم العراقية التي أسقطها عنهم نظام صدام، فضلا عن الظروف الأمنية والمعيشية غير المريحة في العراق.

ومن جانب آخر هل من المعقول التشكيك في عروبة الكوفة والبصرة اللتين حافظتا على اللغة العربية والانتماء العربي الإسلامي للعراق طيلة عقود؟ وهل هناك عربي في الجنوب العراقي يقبل بديلا عن انتمائه العدناني أو القحطاني؟! من جانب آخر، تحاول جماعات شيعية متطرفة أن تصف السعوديين وكأنهم يسعون إلى القضاء على الشيعة، عبر تغذية مفاهيم وحكايات تاريخية وميثولوجية، ومحاولة اصطياد أية فرصة لتأكيد قناعاتهم.

عموما، ما نتمناه أن تعود العلاقة بين العراقيين وأشقائهم السعوديين إلى وضعها الطبيعي، وهذا لا يأتي إلا بتعزيز العلاقات بالانفتاح الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والرياضي، حينها ستتعزز العلاقات بين الناس، وتتعمق الصداقات بين المثقفين والتجار والرياضيين.. ومن ثَمَّ، يدرك الناس أن من كانوا ينظرون إليهم سابقا بأنهم مختلفون أو من عالم آخر، هم من طينة واحدة، وبمفاهيم وقيم وأعراف ونسيج اجتماعي واحد، وأن تصوراتهم القلقة محض أوهام نسجها ذوو النفوس المريضة.