ما بعد تولوز!

TT

حدث ما كنت أخشاه وحذرت منه في حينه في مقالي منذ عدة أيام حول مخاوفي من «جريمة تولوز» التي راح ضحيتها 4 أشخاص منهم 3 أطفال.

وكتبت في نهاية الزاوية: «لذلك كله ندعو الله ألا يكون الجاني له علاقة بنا»، أي أن لا يكون الجاني من أصول عربية أو إسلامية أو من مجتمع المهاجرين المغاربيين.

وللأسف الشديد، عرف الجاني على أنه الشاب محمد مراح: عربي مسلم من أصول جزائرية ينتمي إلى الجيل الثالث من المهاجرين المغاربة الذي ولدوا هناك وحصلوا على الجنسية الفرنسية، لكنهم رفضوا مجتمعهم الفرنسي ووقعوا أسرى أفكار مغلوطة ومتطرفة ترفع شعارات إسلامية أو عربية.

إعلان محمد مراح أنه عربي، مسلم، متأثر ومناصر لفكر «القاعدة»، واكتشاف ترسانة السلاح التي في منزله أنقذت سمعة ومكانة السيدة ماري لوبان، زعيمة الحزب اليميني المتشدد المعروف بتعصبه ضد الأقليات وعلى رأسها مجموعات المهاجرين العرب المسلمين، بعدما كانت كل الاتهامات الأولية تتجه تجاههم.

وبعد صمت طوال الـ24 ساعة الأولى، وبعدما تأكدت السيدة لوبان من الهوية العربية المسلمة لمحمد مراح، خرجت إلى الرأي العام الفرنسي تحذر من استفحال التيار السلفي المتطرف الذي يعبر عنه مراح، مؤكدة أنه ليس حالة فردية، متهمة دولة خليجية بالاسم في عملية تمويل هذا التيار. وطالبت لوبان الحكومة باتخاذ إجراءات رادعة، ووعدت بأنه في حال فوزها بمقعد الرئاسة فإنها سوف تتعامل «بقوة وبقسوة القانون» ضد هذه التيارات التي تهدد كيان المجتمع الفرنسي.

وليس غريبا أن يجتمع الرئيس نيكولا ساركوزي 4 مرات خلال 48 ساعة مع قادة الجاليات اليهودية والمسلمة في فرنسا، من أجل احتواء الموقف حتى لا يتحول الأمر إلى مواجهة في الشوارع تهدد نسيج «الدولة العلمانية» الفرنسية.

بالطبع، استفاد جميع مرشحي الرئاسة من القصة، وقاموا بنشاطات إعلامية وسياسية لركوب الموجة، إلا أن المستفيد الأكبر كان ساركوزي الذي لعب دور «القوي» الذي يستخدم قوة القانون بيد وقوة التوحيد السياسي بيد أخرى.

الجميع يتاجر بأخطائنا، أما العرب فهم خير من يصدر - طواعية - وبشكل مجاني فرصا تاريخية كي يستفيد منها الغير!!