«الكرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود»

TT

أدوية كثيرة ودعايات لا حدود لها تتحدث هذه الأيام عن حبوب ومراهم سحرية تخلص الإنسان من ذلك الصديق الوفي الملازم لمعدته المسمى «الكرش»!

و«الكرش» أنواع: من ذلك الذي يتدلى في خجل من أسفل البطن، إلى ذلك الذي يتخذ شكل التفاحة المدببة إلى الأمام، إلى شكل ثمرة الكمثرى، وهو «كرش العز» المميز لأبناء أمة العرب! والكرش، في ثقافة العرب، هو دليل الرخاء والكرم للقبيلة أو الأسرة التي ينتمي إليها الإنسان، وهو تعبير عن «العز» ودسامة الطهو عند أسرة صاحبه. والبعض كان يعتقد أن كرش الرجل يعتبر نوعا من الهيبة والسطوة اللتين تؤهلانه لقيادة أسرته أو جماعته أو قبيلته.

الحقيقة العلمية المؤلمة أن الكرش هو تراكم دهني نتيجة سوء التغذية والإفراط في تناول النشويات والسكريات والعادات الغذائية المميتة، وأخطرها تناول عشاء شديد الدسامة ثم الخلود الفوري إلى الفراش من أجل النوم.

لذلك يقولون في الأمثال الأوروبية: «تناول إفطارك مثل الملك»، أي التهم ما تشاء في الإفطار من أطعمة غنية بالنشويات والسكريات. ثم يقولون: «وتناول طعام الغداء مثل الأمير»، ويقصد بذلك وجبة متوسطة السعرات، ثم حينما يأتون إلى وجبة العشاء ينصحون: «وتناول عشاءك مثل المتسول الفقير»، أي لتكن وجبتك في العشاء قليلة السعرات إلى أدنى حد ممكن.

وشحوم الكرش تؤدي إلى زيادة احتمالات الأزمة القلبية وانسداد الشرايين وارتفاع معدل الكوليسترول ومخاطر الإصابة بمرض السكري. والرياضة الممنهجة والتدريبات المدروسة التي تقوم بشد عضلات البطن، تحت إشراف مدرب متخصص، تساعد في مكافحة تدلي الكرش! وأهم عدو للكرش هو المشي المنظم لمسافات متصلة لا تقل عن نصف ساعة يوميا حتى يبدأ العرق في التصبب من الإنسان.

قالت لي طبيبة كوبية ذائعة الصيت في نيويورك، ناصحة إياي: «إن الخبز ومشتقات القمح بكل أشكالها هي السبب الأول في نمو الكرش». وكلما حاولت التخلص من كرشي الحبيب دمعت عيناي ورفض عقلي أن أدع هذا الكرش إلى مثواه الأخير!

صادقت هذا الكرش أكثر من 20 عاما، فكيف أتخلى عنه عند جرَّاح تجميل، أو أقوم بالقضاء عليه بحبة أميركية سحرية، أو أدمره بكميات من المراهم الصينية التي يعلن عنها ليل نهار في الفضائيات التجارية؟

أبدا لن أتنازل عن كرشي عملا بحكمة فيلسوف شهير «الكرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود»!