الضربة القاضية اقتربت!

TT

الجيش السوري الحر يعد العدة لتوحيد جميع صفوف المقاتلين «باسمه» داخل سوريا بشكل منظم وتحت لواء موحد وقيادة فاعلة بعد أن ازداد عدد المنضوين إليه من المنشقين من الجيش الأسدي ومن متطوعين من مواطنين ثائرين، وقد لاقت هذه الخطوة الترحيب الكبير في الشارع السوري الثائر؛ لأنها تثبت، بالشكل العملي، ما يروِّج له نظام بشار الأسد عبر أبواق إعلامه البائس بأنه قضى على الحراك المسلح من «الجماعات الأصولية والمتطرفة» ضده.

وهذا، طبعا، يثبت يوميا أنه هراء عظيم؛ لأن رقعة المواجهة بين الجيش الحر ونظام الأسد تتسع بشكل كبير، والمعارك تزداد ضراوة، ومن الواضح أن الجيش الحر قرر اختيار أهداف حساسة، كمراكز أمنية واستخباراتية لاستهدافها وإحداث أكبر قدر من الضرر المادي والمعنوي في صفوف النظام المتهالك، وهذا من شأنه أن يوسع دائرة المواجهة، بحيث يخفف الطوق الموضوع حول العاصمة دمشق ليزداد حراكها ويزداد إيقاع تحررها من قيود وأغلال المنظومة الأمنية الخانقة الموضوعة حولها بشكل مرعب.

لكن هناك تطورا سياسيا مهما ولافتا، وهو التغيير الكبير في الخطاب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وإضافة عبارة يبدو منها أنها صيغت بعناية شديدة على أيدي جهابذة الدستور وعلوم السياسة وخبراء العلاقات العامة بواشنطن.. تقول العبارة السحرية: «إن الجماعة ارتأت تقديم رؤيتها للجميع، وفيها دعوتها لإقامة دولة مدنية حديثة وإقامة دستور مدني مبني على توافقية وطنية، بحيث لا يسمح للأكثرية بالتعسف في استخدام أكثريتها»، ويبدو أن الديباجة الأخيرة هي السر في الانتقال نحو هذا الخطاب المدني، وهو «المغطس» الذي غرقت فيه الثورة المصرية بإخوانها المفترض أنهم دهاة سياسيا، والسلفيين المتخبطين سياسيا. وبهذا الإعلان الذي يصدر من جماعة لها ثقل كبير داخل المجلس الوطني السوري وداخل سوريا سوف يرسل بذلك رسالة طمأنة للمجتمع الدولي وللأقليات الإثنية والدينية في الجوار والداخل السوريين، وبذلك تبدأ المعارضة السورية في إرسال أكثر رسالة جادة، حتى الآن، عن رغبتها الجادة في تأسيس دولة مدنية وذات توجه ديمقراطي وحقوقي واضح الملامح لا مجال فيه للبس ولا إلى إساءة تفسير لتصبح للناس مادة أشبه بالأحاجي والألغاز والطلاسم، بدلا من كلمات واضحة الملامح يستطيع الجميع إدراك معناها وإسقاطها على حياته وواقعه بطمأنينة وثقة وأمان وعدل.

الأسد يحاول، عبر استعراض القوى المبالغ فيه، دك حمص وإدلب وريف دمشق وريف حلب وتلكلخ ودير الزور ودرعا والرستن، باعتبار أن القوة هي الوسيلة الوحيدة لإخافة الناس، لكن عقارب الساعة لا تعود للوراء.

«الكم العددي» المطلوب لإحداث التغيير أصبح واقعا، وكذلك أيضا «النطاق الجغرافي» للحدث أصبح حقيقة، أدوات المعركة في يدَي الأسد تفقد قيمتها وفعاليتها بالتدريج، والوقت يمر، والثمن يزداد تكلفة عليه، ولا مجال له إلا المواصلة في ما هو مستمر فيه، وهو السبب ذاته الذي يؤكد استحالة بقائه.

مباراة ملاكمة غير متكافئة الشكل بين ملاكم من الوزن الثقيل أنهكته الجولات وملاكم ذكي خفيف الوزن، لكنه طويل النفس، والضربة القاضية اقترب وقتها جدا لصالح الملاكم الذكي!

[email protected]