الجودة في العناية الطبية.. وفيات أقل

TT

«في بيئة بها واحد من بين كل سبعة أشخاص ممن يحق لهم تلقي الرعاية الطبية في المستشفيات، عرضة للضرر والأذى جراء الاضطرار إلى دخول المستشفى لتلقي العلاج»، وذلك وفق نتائج التقارير الصادرة عن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية بالولايات المتحدة، و«في بيئة حيث المرضى يخشون على أنفسهم من مؤسسات الرعاية الطبية الموكول إليها إنقاذ أرواحهم، فإن من المهم تعيين ومعرفة أسماء المستشفيات التي تقود الجهود نحو خفض معدلات الوفيات ومعدلات المضاعفات العلاجية وتوفير هذه المعلومات لمستهلكي الخدمات العلاجية». بهذه العبارات، استهلت مؤسسة «هيلث غريدس» HealthGradesالأميركية في 24 فبراير (شباط) الماضي تقريرها السنوي حول أفضل المستشفيات من بين 5 آلاف مستشفى في الولايات المتحدة الأميركية.

مؤسسة «هيلث غريدس» هيئة مستقلة تتخصص في تقديم خدمات التعريف بالمستشفيات والأطباء وتقييم مستوى خدماتهم لعموم الناس.

واللافت في تقريرها ليس مجرد إعطاء تقييم وتصنيف لدرجات مستوى خدمات المستشفيات تلك، بل ملاحظتها أن ثمة فروقا، لا تقدر قيمتها بثمن على الإطلاق، بين نتائج عمل المستشفيات تلك. ولاحظ التقرير أن المرضى الذين يدخلون لتلقي المعالجة الطبية في المستشفيات المصنفة على أنها من مجموعة «المستشفيات الأفضل» the top hospitals تنخفض بينهم معدلات الوفياتdeath rate بمقدار 42% وذلك بالمقارنة مع لو أنهم دخلوا إلى مستشفيات أخرى أقل منها مستوى في الولايات المتحدة.

واستطرد التقرير موضحا ما مفاده: «لو أن جميع المستشفيات تقدم خدماتها الطبية لمرضاها بالمستوى نفسه الذي تقدمه مجموعة (المستشفيات الأفضل)، فإن أرواح أكثر من 171 ألف إنسان كان من الممكن أن يتم المحافظة عليها جراء الدخول بصفة إسعافية طارئة إلى المستشفيات الأميركية لتلقي المعالجة الطبية في ما بين عامي 2008 و2010».

الباحثون في المؤسسة المذكورة راجعوا الملفات الطبية لأكثر من 7 ملايين مريض في الفترة ما بين عامي 2008 و2010 ممن تم إدخالهم إلى المستشفيات عبر أقسام الطوارئ للأسباب الطبية الاثني عشر التالية: سدد الأمعاء، مرض السدد الرئوي المزمن، غيبوبة وحموضة الجسم لدى مرضى السكري، نزف المعدة والأمعاء، نوبة الجلطة القلبية، فشل القلب، التهاب البنكرياس، التهاب الرئة، جلطة الرئة، فشل الجهاز التنفسي، التهاب الدم الميكروبي، السكتة الدماغية.

وعلق الدكتور أرشاد رحيم، واضع التقرير ومدير «تحسين الخدمات الإكلينيكية» في المؤسسة المذكورة، بالقول: «من الواجب أن يذهب المريض إلى أقرب مستشفى إليه في الحالات الإسعافية الطارئة، خاصة إذا كانت شكواه من نوبة الجلطة القلبية. وتظهر نتائجنا أن نوعية الرعاية الطبية التي يتلقاها المريض بمجرد وصوله ودخوله إلى المستشفى، لها تأثيرات تفرق بين الحياة والموت. ونحن نحث كل المرضى على أن يتعرفوا بأنفسهم على نوعية ومستوى الخدمات الإسعافية العلاجية التي تقدمها المستشفيات في المناطق القريبة منهم وأن يختاروا الذهاب، ما أمكنهم، إلى المستشفيات ذات النوعية العالية في تقديم خدماتها العلاجية».

اهتمام الأوساط الطبية يجب أن ينصب على أولوية مهمة، وهي تحقيق هدف «سلامة المرضى أولا» خلال فترة تلقيهم المعالجة الطبية في المستشفيات. ولا يتطلب الاهتمام بسلامة المرضى مزيدا من الإنفاق في التأثيث أو في تقديم الخدمات الفندقية للمرضى، أو في شراء الأجهزة الأحدث والأغلى عالميا في تشخيص الأمراض، أو في السباق نحو إجراء العمليات الجراحية النادرة، بل هو في إبداء الاهتمام دون أي تهاون في تطبيق متطلبات تحقيق جودة نوعية في أنظمة تقديم الرعاية العلاجية لعموم المرضى. وإحدى أبسط وسائل ذلك، إلزام المستشفيات بالحصول على شهادات اعتماد دولية أو محلية لضمان توفر الحد الأدنى من متطلبات سلامة المرضى وجودة تقديم الرعاية الطبية العلاجية.

* استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]