صدام.. يعود!

TT

عشت حياتي كلها ضد أفكار حزب البعث السوري أو العراقي وما زلت.

وعشت حياتي أرى في حكم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين نموذجا للاستبداد والظلم والترويع ورعاية الفساد وتكريس الديمقراطية وما زلت.

عفوا لهذه المقدمة، لكنني مضطر لها، حتى لا يتم فهمي بشكل مغلوط حينما أقول آسفا: «رحم الله أيام صدام حسين» مقارنة بحال عراق اليوم!!

لقد نجح بريمر وقوات الغزو الأميركي في تحقيق 3 أمور ما كان يمكن للعقل أن يتخيلها في ظل حكم صدام الطاغية:

أولا: تم تفكيك العراق، إحدى أهم وأقدم دول العالم على مر التاريخ، وأصبحت البلاد معرضة عمليا إلى أن تصبح 3 دويلات: كردية، وسنية، وشيعية!

ثانيا: تم تسليم البلاد، بتمويل أميركي تكلف تريليونا ونصف التريليون دولار، إلى النفوذ الإيراني، إلى الحد الذي أصبح فيه عدد قوات الحرس الثوري الإيراني في العراق قرابة 200 ألف رجل مسلح، بالإضافة إلى أن بعض المراسلات الحكومية الآن في بغداد - عاصمة الرشيد - تتم باللغتين الفارسية والكردية!

ثالثا: أصبح العراق غير مسيطَر عليه أمنيا، وتحول إلى مركز رئيسي من مراكز تهديد الأمن الوطني والإقليمي لتيارات إسلامية متطرفة، على رأسها تنظيم القاعدة.

وتأتي الانفجارات المدوية التي سبقت القمة العربية بأيام كي تؤكد خطورة الوضع، ثم جاءت انفجارات يوم القمة ذاته، لتؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، أن السيطرة الأمنية العراقية - في أعلى حالات الاستنفار - ليست قادرة على تحقيق الأمن.

وآخر القصص المحزنة المضحكة هي رغبة السلطات العراقية في نقل جثمان الرئيس الراحل صدام حسين من مدفنه بسبب كثرة الزيارات وشدة التزاحم عليه إلى مكان مجهول أو بعيد، مما أثار غضب الكثير من أنصار الرئيس الأسبق وأثار أسرته.

أهمية هذا الخبر أن الطاغية الذي تم إعدامه أصبح أكثر شعبية من النظام الذي جاء على دبابة أميركية رافعا شعار الديمقراطية الغربية!

إذا كان هذا هو التغيير على الطريقة الأميركية فإن الآتي مخيف مخيف مخيف!