هل تشتري «آبل» شركة «تويتر» للتواصل الاجتماعي؟

TT

تتضمن مدونة تابملر بعنوان «الأشياء التي تفوق قيمة آبل قيمتها» قائمة مفصلة مذهلة. ويندرج على القائمة كل احتياطي الذهب في مصرف الاحتياطي الفيدرالي، ومخزون العالم من العقاقير غير القانونية وقيمة حق شراء «ستار وورز» و«ستار تريك» و«هاري بوتر» و«توايلايت» لستيفن كينغ مجتمعة، وأسطول من حاملات الطائرات الأميركية والمصارف الاثنان والثلاثون في دول منطقة اليورو.

كل هذا تعبير عن مدى عظمة قيمة شركة «آبل»، فرأسمالها في السوق يفوق أي شركة في العالم. وتنبع هذه القيمة من مصدرين الأول هو ما تمتلكه من سيولة نقدية قدرها 100 مليار دولار والمصدر الثاني هو ما تمتلكه من مخزون ذي قيمة كبيرة. تبين لنا الأسبوع الماضي أن «آبل» سوف تنفق بعضا من سيولتها النقدية في دفع أرباح على الأسهم وشراء أسهمها التي طرحت في السوق من قبل. مع ذلك لن يحدث هذا كبير فرق، فعائدات وأرباح «آبل» تنمو سريعًا، حيث لن ينتقص الربح على السهم الذي وصل خلال الربع الحالي إلى 2.65 دولار (نحو 1.77 في المائة) من قيمة أسهم «آبل». لقد جعلني اقتراب طرح أسهم شركة «فيس بوك»، والتي تقدر قيمتها بـ100 مليار دولار، للاكتتاب العام الأولي أتساءل عما إذا كانت «آبل» بحاجة إلى تبني نهج إبداعي للانخراط في المنافسة الجديدة. لا أقول إنه على الشركة شراء «فيس بوك»، لكن دفعني شراؤها لأسهمها المطروحة إلى التفكير في كل الأمور التي يمكنها القيام بها، حيث يمثل هذا القدر الهائل من المال والعملة التي تتدهور قيمتها سريعًا مزيجًا قويًا يتيح أمام «آبل» عددا كبيرا من الخيارات. وما أفضله هو استخدامها لبعض المال في القيام بعدة عمليات استحواذ استراتيجية لتعويض نقاط ضعفها الضئيلة. ويمكن لهذه الضربة الوقائية أن تحميها من أي خطوة تقوض موقفها في الأسواق الكبرى.

قبل أن نتابع حديثنا، ينبغي أن أحذر من المبالغة في قيمة الكثير من عمليات الدمج والاستحواذ، وكذلك عمليات الاكتتاب العام الأولي. والملاحظ أن أكثر الشركات لا تحسن الاختيار، حيث ينتهي بهم الحال إلى إبرام صفقات بتكلفة كبيرة. ولعل أوضح مثال على ذلك هو عملية الدمج بين «إيه أو إل» و«تايم وارنر» عام 2000. ونادرًا ما تنجح عمليات الدمج بين الشركات الكبرى باستثناء العمليات التي تتم في مجال النفط والتعدين. مع ذلك نجحت بعض صفقات المصارف ومن بينها شراء مصرف «جي بي مورغان تشيس» لـ«بير ستيرنز» و«واشنطن ميوتيوال» وشراء مؤسسة «ويلز فارغو» لمصرف «واتكوفيا». الجدير بالذكر أن أكثر عمليات الدمج التي تتم في القطاع المصرفي على مدى العقود الماضية كانت كارثة، حيث تدفع الشركات رسوما مصرفية هائلة للقيام بالدمج، ثم تدفع رسوما أكبر لفك هذا الدمج. لذا لست من مؤيدي أكثر هذه العمليات. وهذا لا يعني عدم وجود استثناءات، فقد قامت بعض الشركات بعمليات استحواذ استراتيجية بشكل فني رائع، فعلى سبيل المثال خلال فترة الثمانينات والتسعينات، كانت «سيسكو سيستمز» أفضل شركة تكنولوجية في هذا المضمار، وكذلك قامت شركة «جنرال إلكتريك» بالعديد من عمليات الاستحواذ الناجحة. وقامت شركة «أوراكل» بعمليات استحواذ أكبر زادت من أرباح أسهمها على مدى سنوات ومن بينها «بي إي إيه» و«بيبول سوفت» و«سيبل سيستمز» و«هايبريون» و«صن مايكرو». انظر إلى استثمار «ميكروسوفت» الاستراتيجي في «فيس بوك»، حيث اشترت الشركة حصة نسبتها 1.6 في المائة مقابل 240 مليون دولار عام 2007 مانعة «غوغل» من إتمام الصفقة.

وهناك نموذج مشرف لعمليات الاستحواذ يمكن أن تقتدي به شركة «آبل» وهو استحواذ «غوغل» على «يوتيوب» مقابل 1.65 مليار دولار عام 2006. وإن تم فعليًا مقابل لا شيء، فقد حشد السوق أسهم «غوغل» فقط من خلال نشر خبر بأن تكلفة الاستحواذ صفر، رغم أن الشركة قللت الأرباح. وحققت «يوتيوب» أسرع نمو في إمبراطورية «غوغل» عوض الأداء الضعيف لـ«غوغل فيديو». ويبدو أن طرح أسهم «يوتيوب» للتداول قد بات وشيكًا أكثر من أي وقت مضى.

وماذا عن «آبل»؟ تاريخ الشركة عبارة عن عمليات شراء مرحلية صغيرة بوجه عام، فقد كانت تكلفة أكبر عملية شراء، والتي تمت عام 1997 لـ«نيكست كومبيوتر»، والتي أعادت ستيف جوبز الابن المسرف إلى «آبل»، 400 مليون دولار فقط. مع ذلك كانت شركة «آبل» متميزة آنذاك، حيث كانت تعمل في تصنيع أجهزة كومبيوتر متخصصة صغيرة الحجم وكان رئيسها يمتلك رؤية. وتعد «آبل» اليوم شركة أجهزة إلكترونية عملاقة تنتج أجهزة محمولة وهواتف وأجهزة كومبيوتر لوحية وسوف تنتج في المستقبل القريب أجهزة تلفزيون. ويعد الحفاظ على ثقة المستهلك في جودة منتجات الشركة والاستمرار في تلبية أذواق الناس أهم لشركة «آبل» اليوم عنه منذ خمسة عشر عاما مضت. ما الذي يمكن أن تشتريه شركة «آبل»؟ ما هو الذي يمكن أن تقدمه شركة «آبل» لينافس «غوغل فيديو»؟

الإجابة البديهية في مواقع التواصل الاجتماعي التي لم تضع «آبل» بصمتها فيها بعد. والحل هو الحصول على «تويتر» مقابل 9 مليارات دولار نقدًا أو بأسهم. لماذا «تويتر» تحديدًا؟ وتنتج شركة «آبل» برامج كومبيوتر وأجهزة عالية الجودة، وهي بارعة ومتميزة في الجمع بين الاثنين، لكنها لم تستطع فك شفرة المواقع الاجتماعية بعد. ربما تكون «آبل» هي الشركة الوحيدة في مجال التكنولوجيا التي ليس لديها حساب على موقع «تويتر». وما يعادل «آي تونز» روعة، هو نظام «بينغ» الذي يعمل به. وسيساعد «تويتر» شركة «آبل» في أن تصبح لاعبًا فاعلا في مجال مواقع التواصل الاجتماعي بلمسة سحرية. ويعد «تويتر» موقعًا فريدًا من نوعه، في حين لا تشهد الأشكال الأخرى من مواقع الرسائل القصيرة نموًا سريعًا، فلمصرف الاحتياط الفيدرالي حساب على موقع «تويتر» وكذا لجنة الأوراق المالية والبورصة والرئيس أوباما وكل مرشح رئاسي. يتعامل كل زعيم حول العالم تقريبًا وكل اسم تجاري بارز مع «تويتر». ويعد الاستثمار في «تويتر» هو أكثر الخيارات منطقية بالنسبة إلى «آبل» بالنظر إلى من سيكون أكبر منافسيها خلال العقد المقبل على الأرجح، فقد ولى عهد المنافسين من أمثال «إتش بي» أو «ديل» أو حتى «ميكروسوفت»، فـ«آبل» إزاء مواجهة شرسة من أجل المستقبل مع تزايد عدد معجبي «غوغل» و«فيس بوك». ويبدو أن كل الطرق تعود بنا إلى مواقع التواصل الاجتماعي وأنسبها لـ«آبل» هو موقع «تويتر»، فإذا نظرنا في آخر تحديث لنظام تشغيل هواتف قدمته شركة «آبل» سنجد أنها قد دمجت «تويت زيس» في كل منتجاتها من الهواتف وتطبيقاتها. ومن السهل على «آبل» أن تقوم باستثمار استراتيجي في «تويتر» قيمته مليار دولار أو يزيد وتدخل بذلك عالم «تويتر».

مع ذلك يمكن لأبل الحصول على منتج استراتيجي هائل مقابل دفع أقل من 10 في المائة من مخزونها النقدي. وسيعمل موقع «تويتر» ككيان بارز قائم بذاته، لكنه سيدخل بشكل أقوى في كل منتجات «آبل» مثل مواقع التواصل الاجتماعي. وسيحل نظام «بينغ» محل «آي تونز» بنسخة من «تويتر». وتشهد العديد من تطبيقات «آبل» الخاصة بالصور، وكذلك منافسين مثل «فليكر» و«إنستاغرام»، منافسة جديدة من «آي بيكس». وهناك عدة طرق لا تحصى يمكن استخدامها للاندماج. هل ينبغي أن تقوم «آبل» بذلك؟ هل يمكنها تحقيق أهدافها دون «تويتر»؟ بالتأكيد، لكن شراء «تويتر» يجعل من «آبل» لاعبا فاعلا منافسا في عالم مواقع التواصل الاجتماعي في طرفة عين، ويمكنها من تقديم «بينغ» وبدء طرح أسهمه للتداول مما يزيد مبيعات الموسيقى والكتب والمقاطع المصورة. وسيمكن «آبل تي في»، بجانب «تويتر»، الشركة من الجمع بين مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة المقاطع المصورة، وهو ما يمثل ميزة تمكن المستخدمين من التواصل الاجتماعي أثناء أوقات العرض التي تتسم بأعلى نسبة مشاهدة، والأهم من ذلك هو إبعاد «تويتر» عن براثن «غوغل» أو «فيس بوك» أو «ميكروسوفت».

ومن المحتمل أن يتم طرح أسهم «تويتر» للاكتتاب العام، وأشك أن تكون «غوغل» هي المالك التكنولوجي الأفضل من حيث الخبرة وطرح أسهم محرك البحث للتداول، لكن هناك على ما يبدو قطيعة بين «غوغل» و«تويتر» لأسباب لا أعلمها. سيكون شراء شركة «آبل» لـ«تويتر» مكسبًا كبيرًا لها، وسيكون لديها مخرج في حال لم تنجح الصفقة، حيث يمكنها طرح أسهم «تويتر» للاكتتاب العام. ويبقى الأهم من ذلك أن هذه الخطوة ستتيح للشركة فرصة إحراز تقدم في هذا المجال الذي يشهد نموًا سريعًا.

* باري ريثولز، الرئيس التنفيذي لمؤسسي «فيوجن آي كيو» البحثية، ومؤلف كتاب «دولة الإنقاذ المالي» وصاحب مدونة «ذا بيغ بيكتشر» المالية.

* خدمة «واشنطن بوست»