الكارثة هي في (توهم) المشايخ

TT

ليس لدي أي مشكلة على الإطلاق مع المؤسسة الدينية القائمة على الوسطية والعقلانية، بل بالعكس فإنني مع مثل تلك المؤسسة (سمن على عسل) ولله الحمد، بل وإنني من أتباعها وأسير معها على هدي النبوة التي هي كالمحجة البيضاء ليلها كنهارها.

مشكلتي هي فقط مع مشايخ الاستعراض و(النيولوك) ونجوم القنوات الفضائية الذين يهرفون بما يعرفون وبما لا يعرفون.

وقبل أيام تسنى لي بالصدفة على غير عادتي أن أشاهد بالتتابع برنامجين في محطتين، فقلت بيني وبين نفسي: يجب أن تكتب عنهما الآن يا ولد (وحار يا فول).

الأولى اسمها (المعالي)، وكان يتحدث فيها شيخ يدعى (عدنان إبراهيم)، وهو يستعرض حياة الخليفة الراشد (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه، فاسمعوا ما يقوله عنه قبل دخوله في الإسلام، إنه يقول بكل بساطة: هذا الرجل كان بالأمس يعاقر الخمر، عمر كان مدمنا للخمر هذا معروف عنه، كان مغرما بشيئين؛ بالنساء وبالخمر.

رجل ضخم عملاق قوي، كان مصارعا من أشهر مصارعي قريش لا يكاد يصرعه أحد، وعنده فائض قوة، كان يفرغ الطاقة الفائضة الزائدة لديه في الخمر والنساء، فهو يعاقر أحسن وأجود أنواع الخمور، كان رجل نساء وجوارٍ ومتعة ولذائذ - انتهى كلام الشيخ عدنان.

وهو ذكرني بالحكاية المشهورة عن الدب الغبي الذي أراد أن يدافع عن صاحبه - مع الفارق -، ولنفرض جدلا أن حياة عمر رضي الله عنه كانت كذلك قبل أن يسلم، فهل من الأدب استعراضها من قبل ذلك الشيخ بهذا الاستمتاع المفرط؟!، ولا أملك إلا أن أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

وأدهى وأمر منه هو ذلك (المطب) الذي وقع فيه الداعية الدكتور عضو رابطة علماء المسلمين الشيخ (محمد العريفي) صاحب سورة (التفاح) ما غيره، وذلك عندما قال بعظمة لسانه اللوذعي في قناة (دبي): إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قبل التحريم أو النهي عن تناول الخمر، كانت تصله الخمور الكثيرة بالجرار والقرب، وكان (يهدي بعضها ويبيع بعضها الآخر)، تصوروا (!!).

ويمضي قائلا: وعندما نزل التحريم أخذ الصحابة يسكبون الخمور بالأسواق ثم يخوضون فيها بأرجلهم وبعدها يدخلون المسجد بأقدامهم المبتلة ويصلون، دلالة على أن الخمور غير نجسة.

ويبدو أن الداعية العريفي صاحب (المليونية التويترية) التي أصبحت (موضة) بعد مليونيات العرب التعيسة، يبدو أنه واجه تأنيبا على سقطته الشنيعة تلك، فسارع على الفور وأصدر بيانا يعتذر فيه، بحجة أنه (توهم) بذلك، وهو يستغفر الله ويتوب إليه تعالى.

إنني بكلامي هذا لا أزايد ولا أحاجج (فرحم الله امرأ عرف قدر نفسه)، مع أنني ولله الحمد أعرفها حق المعرفة، ولكنني وغيري من حقنا أن نطلب فقط من الشيخ الداعية المحترم أن يدلنا على المصدر التاريخي الذي بنى عليه (توهمه) العجيب هذا.

فمن الممكن أن (أتوهم) أنا وأمثالي من الجهلاء، ولكن الكارثة المركبة هي في (توهم) المشايخ، خصوصا أصحاب الأصوات الجهورية ممن يتلذذ الواحد منهم ويرفع إصبع السبابة تحديدا على طريقة (بن لادن).

إن هناك خطا أحمر وناريا، والويل كل الويل لمن (يتوهم) ويمس بالمصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.

[email protected]