كيف تستطيع روسيا إزاحة الأسد عن السلطة؟

TT

في مؤشر على تراجع التأييد الروسي للرئيس السوري بشار الأسد، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي طالما كان نصيرا قويا للحكومة السورية، الشهر الحالي، إنه في حالة تنحي الديكتاتور «لن يرحب به أحد في روسيا».

قد يفكر لافروف في توسيع مجال هذه الرسالة لتكون بمثابة دعوة إلى تنحي هذا الحاكم المستبد. وبالنظر إلى الدعم الروسي القوي لنظام الأسد خلال المداهمات الوحشية التي قام بها ضد الاحتجاجات التي اندلعت، خلال العام الماضي، تتمتع روسيا بموقع فريد يمكنها من قيادة جهود إبعاد الأسد عن سدة الحكم.

لا ينبغي أن ينتهي المطاف بإقامة الديكتاتور في موسكو بالتأكيد، ولكن ألن يكون من الأفضل رؤية عائلة الأسد تعيش في أي مكان خارج سوريا إذا كان هذا يعني وضع حد للمذابح البشعة التي حصدت بالفعل حياة أكثر من 9 آلاف شخص بريء؟

قد يكون منح الحصانة للأسد لحثّه على مغادرة دمشق أفضل خيار ضمن عدة خيارات غير مثالية لوقف إراقة الدماء في سوريا. وقد أثبتت تلك الاستراتيجية جدواها فيما يخص الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، الذي غادر صنعاء أخيرا لتلقي الرعاية الطبية في نيويورك، بعد أن تراجع عن التوقيع على ذلك الاتفاق ثلاث مرات.

قد لا يكون التوصل إلى صفقة حصانة على غرار صفقة صالح هي النموذج الأمثل، ولكن النتائج التي تحققت حتى الآن تبدو مشجعة، فبينما يعاني اليمن من الانفلات الأمني، تخف حدة العنف السياسي هناك. وتم تعيين نائب صالح كخليفة له في استفتاء حظي بتأكيد واسع النطاق في شهر فبراير (شباط)، وهو الأمر الذي يمكّن الولايات المتحدة من الحفاظ على قدرتها على خفض وجود تنظيم القاعدة في اليمن، حيث أسفرت الضربات الجوية التي تم تنفيذها الشهر الحالي، على سبيل المثال، عن مقتل 18 من عناصر «القاعدة» في وسط اليمن.

وبعد استخدام حق النقض ضد محاولتين سابقتين لاستصدار قرارين في مجلس الأمن، واللتين كانتا من المفترض أن تدينا الأسد، وافقت روسيا (والصين) أخيرا في 21 مارس (آذار) على دعم بيان رئاسي ضعيف للأمم المتحدة يدعو لوقف إطلاق النار في سوريا. وعلى الرغم من ذلك، لم يؤد هذا البيان، الذي تقل قوته عن قرار، إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.

وعلى الرغم من أن الأسد وافق رسميا، يوم الثلاثاء، على مقترح وقف إطلاق النار الذي قدمه كوفي أنان، مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، لا تزال أعمال العنف التي يمارسها النظام السوري مستمرة. وعلى الأرض، ذكرت الجماعات المناهضة للأسد مقتل العشرات من الأشخاص في اشتباكات وقعت في شتى أنحاء البلاد بعد إعلان وقف إطلاق النار. ومع الأسف، من المستحيل معرفة العدد الدقيق للضحايا والهجمات، حيث فرضت الحكومة قيودا مشددة على دخول الصحافيين الأجانب لسوريا.

وهناك فرصة عظيمة سانحة أمام روسيا، التي قدمت الدعم السياسي والعسكري لنظام الأسد، للعب دور الوسيط في اتفاق من شأنه أن يكون له تأثير حقيقي. ويجب علينا تذكر هتافات الآلاف من السورين الذين كان يحملون الأعلام الروسية أثناء ترحيبهم بزيارة لافروف لدمشق في أوائل فبراير (شباط). يكاد الوقت المتاح للتحرك ينفد، حيث إن الأمم المتحدة قد تتهم الأسد بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في أي وقت.

من الناحية المثالية، يجب محاكمة الأسد ومحاسبته على تلك الوحشية، ولكن مسارات العمل الأخرى، بما في ذلك التدخل العسكري أو تسليح معارضة غير واضحة المعالم، قد تتسبب في الكثير من المشكلات. ومع ازدياد أعداد القتلى في سوريا بشكل يومي، يجب على المجتمع الدولي التفكير في الخيارات غير المثالية.

وبالإضافة إلى العقوبات القسرية المتزايدة، لن تؤدي صفقة حصانة بقيادة روسية إلى إنقاذ أرواح الكثير من الأبرياء فحسب، بل أيضا ستكون بمثابة ضربة موجعة لإيران، أهم حلفاء الأسد في المنطقة. قد يستغل الرئيس الروسي «المنتخب» حديثا، فلاديمير بوتين، الأزمة في سوريا في «إعادة صياغة» المفاهيم الدولية تجاه دولته، حيث سيؤدي التفاوض على مغادرة الأسد لسدة الحكم إلى قطع شوط طويل نحو استعادة صورة روسيا كلاعب دولي مهم ومسؤول.

وبالإضافة إلى قيام الكرملين بتخفيض دعمه لدمشق، أعلن سيرغي لافروف عن انتقاده للأسد، خلال الشهر الحالي، متهما إياه «بارتكاب الكثير من الأخطاء». وينبغي ألا تفوت موسكو هذه الفرصة لتصحيح ما ارتكبته من أخطاء.

* خدمة «واشنطن بوست»