إجابات مطلوبة من باكستان حول أسامة بن لادن!

TT

دعونا لنرى ما إذا كنا نفهم الأرقام بصورة سليمة: عاش أسامة بن لادن في خمسة منازل في باكستان، ورزق بأربعة أطفال هناك، وكانت له ثلاث زوجات كن ينقلن أوامره لشبكته الإرهابية، وتمت ولادة اثنين من أبنائه في مستشفيات عامة، وعلى الرغم من كل هذا، فإن الحكومة الباكستانية لم تعرف أي شيء عن تلك الأماكن!

هل يمكن أن يكون هذا صحيحا؟ أنا أعتقد أنه إذا كان المسؤولون الأميركيون قد فشلوا في كشف خطة الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2011، فإنه من الممكن أن يكون مدير وكالة الاستخبارات الباكستانية غير كفء مثلهم تماما. ويكرر المسؤولون الأميركيون، مع النبرة الحذرة للشهود الذين يأملون أن لا يضطروا للشهادة أمام المحاكمة، أنهم لم يحصلوا بعد على «الدليل القاطع» الذي يثبت معرفة المسؤولين الباكستانيين بمكان اختباء زعيم «القاعدة» في مدينة أبوت آباد.

وفي الحقيقة، ليس هذا سؤالا يجب توجيهه إلى الأميركيين؛ حيث إنها مسألة تخص المسؤولين الباكستانيين الذين يستطيعون تدمير مجمع بن لادن السكني، كما فعلت الجرافات الباكستانية مؤخرا بتنظيف آثار المناورة التي ذكرتني بمقولة زوجة ماكبث الشهيرة «زولي أيتها البقعة الملعونة.. قلت لك زولي». وعلى الرغم من ذلك، فإن المسؤولين الباكستانيين لا يتمنون توجيه أية أسئلة لهم حول الشبكة الجهادية التي كانت تحيط بزعيم «القاعدة» السابق وشركائه خلال فترة إقامتهم في باكستان التي دامت قرابة عقد من الزمن. وها هي بعض الأسئلة التي لطالما حاول الباكستانيون (بموافقة أميركية) تجنب الإجابة عنها:

* كيف استقر بن لادن في مدينة أبوت آباد؟ تصف أمل أحمد السادة، أصغر زوجات بن لادن، تحركاته في تقرير الشرطة الذي تم تحريره في إسلام آباد قائلة: «تم ترتيب كل شيء عن طريق رجلين» يدعيان «إبراهيم» و«أبرار»، اللذين شاركا عائلة بن لادن السكن في تلك المنازل الآمنة في وادي سوات وهاريبور وأخيرا في أبوت آباد.

* ماذا تعرف السلطات الباكستانية عن هذين الأخوين المنتميين إلى قبائل البشتون؟ يعتقد المسؤولون الأميركيون أن أحد هذين الرجلين، والمعروف باسم «أبو أحمد الكويتي»، كان الساعي الرئيسي لزعيم «القاعدة» بن لادن. وفي الأسبوع الماضي، عثر مراسل جريء في وكالة «أسوشييتد برس» على المنزل الذي كانت تقيم فيه عائلة بن لادن في هاريبور، حيث قال سمسار العقارات إنه قام بتأجير هذا المنزل لـ«سالم» و«جويد خان» اللذين زعما أنهما من منطقة تشارسادا، التي تقع إلى الشمال مباشرة من بيشاور.

أفادت وكالة «أسوشييتد برس»، طبقا لأحد أقارب مالك المنزل أن «عددا من عملاء وكالة الاستخبارات الباكستانية قاموا منذ شهرين بالاستيلاء على كل الوثائق الخاصة بالمنزل والأشخاص الذين قاموا باستئجاره». يبدو أن الأمر نفسه حدث مع الوثائق العقارية الخاصة بالمجمع السكني في أبوت آباد. يا ترى، ماذا تبين تلك الوثائق؟ هذا أمر ينبغي على مسؤولي وكالة الاستخبارات الباكستانية توضيحه.

* ما الدور الذي لعبه العميد إعجاز شاه؟ وفقا لتصريحات الجنرال ضياء الدين بوت، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الباكستانية، فإن شاه رتب لانتقال زعيم تنظيم القاعدة إلى أبوت آباد في عام 2005. وفي ذلك الوقت، كان شاه، ومتقاعد من وكالة الاستخبارات الباكستانية، يدير وكالة استخبارات أخرى، «مكتب الاستخبارات»، لصالح حليفه الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف.

ظهر اسم شاه على السطح في شهر فبراير (شباط) عام 2002، على أنه الضابط المسؤول عن أحمد عمر سعيد شيخ، الذي لعب دورا في اختطاف مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» دانيال بيرل. تبين في ما بعد أنه قد تم تسليم بيرل إلى خالد شيخ محمد، العقل المدبر لتنظيم القاعدة، والذي قتله. ويؤكد بعض الباكستانيين أن شيخ كان ينتمي إلى منظمة جهادية تدعى «حركة المجاهدين»، التي كانت لها علاقات وثيقة مع شاه والاستخبارات الباكستانية. ماذا تقول وكالة الاستخبارات الباكستانية عن هذا الأمر؟

* أين كان يختبئ خالد شيخ محمد عندما تم القبض عليه في شهر مارس (آذار) 2003؟ كان يختبئ في منزل آمن في روالبندي له صلة بأحمد عبد القدوس خان الذي تصفه التقارير الصحافية بأنه عضو في أقدم الأحزاب الإسلامية في باكستان «جماعة الإسلام». يقول المحللون الباكستانيون إن هذا الحزب لطالما كانت له علاقات مع وكالة الاستخبارات والجيش في باكستان.

* وماذا عن أبو زبيدة، مسؤول العمليات في تنظيم القاعدة الذي تم القبض عليه في باكستان في شهر مارس عام 2002؟ تم القبض على أبو زبيدة في مدينة فيصل آباد في منزل آمن، كما تصف التقارير الصحافية، ملك لجماعة «عسكر طيبة» في كشمير، التي يقال أيضا إن لها علاقات وثيقة مع الاستخبارات الباكستانية. يقال إن الاستخبارات الباكستانية شاركت في عملية القبض عليه، لكن هل كانوا على علم مسبق بوجوده هناك؟

* ماذا عن فترة إقامة التنزاني أحمد خلفان غيلاني، وهو أحد عناصر «القاعدة» الذي تورط في تفجيرات السفارات الأميركية في أفريقيا عام 1998، في باكستان؟ تم القبض على غيلاني في شهر يوليو (تموز) عام 2004 في مدينة جوجرات شرق باكستان، بعيدا عن المناطق القبلية. كيف تمكن غيلاني من الوصول إلى هذا المكان؟ وماذا عن رمزي بن الشيبة، أحد منسقي هجمات الحادي عشر من سبتمبر الذي تم القبض عليه في شهر سبتمبر عام 2002 في كراتشي؟ كيف استطاع أن يشق طريقه إلى العاصمة التجارية لباكستان دون أن يتم كشف أمره؟

ربما تحسن الإجابات عن هذه الأسئلة من صورة وكالة الاستخبارات الباكستانية، فقد كانت تمد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بمعلومات استخباراتية قيمة، وربما تظهر صورة أكثر قتامة من الإخفاء والتواطؤ. على أية حال، فقد حان الوقت للحصول على بعض الأجوبة.

* خدمة «واشنطن بوست»