هل أنا شجاع جبان.. أم جبان شجاع؟!

TT

اكتشفت أن هناك متعة غائبة عنا ونحن نخوض في خضم الحياة، خصوصا لمن هم على شاكلتي من (الكلمنجية) الذين لا يحسنون سواها، سواء كانت منطوقة أو مكتوبة.

والمتعة التي أعنيها هي أن تحاول أن تعمل عملا يدويا حتى لو لم تكن تتقنه في البداية، المهم أن تحاول وتتعلم، وهذا هو ما أقدمت عليه عندما اكتشفت أن أنبوبة المياه التي تغذي حديقة منزلي مسدودة. وبنصائح معينة من أحد السباكين، حفرت الأرض ووصلت إلى الأنبوبة، وبالمعدات اللازمة استطعت أن أصل إلى سبب العلة، وبيدي الاثنتين وبعد جهاد استغرق ما يقارب ساعة تمكنت من إعادة المياه إلى مجاريها، وكنت مستمتعا بالطين الذي غطى سواعدي.

والآن وبعد أن اغتسلت وتعطرت جلست على مكتبي مرتاحا راحة هي أكثر حيوية من راحتي في كتابة مقالي هذا الذي تقرأونه الآن.

***

«ليست الشجاعة هي أن لا يرتجف قلبك، بل هي أن لا يعرف أحد أنه يرتجف».

وهذا هو الفرق بين قلب الخروف وقلب الأسد، وهذا هو الفرق بين المقتول والقاتل في ميدان المعركة، وهذا هو الفرق بين اثنين متورطين في مصيدة، أو في (أسانسير) معطل، أو متجاورين على مقعدين في طائرة تحترق وتهوي إلى الأرض.

الكل خائف، ولكن هناك من يصيح ويرتجف خارجيا، وهناك من يتصنع الابتسامة ويرتجف داخليا.. عن نفسي أقول: إنني أبتسم وفي نفس الوقت أصيح، وكل أعضائي ترتجف خارجيا وداخليا بما يشبه الزلزال.. ولا أدري إلى الآن: هل أنا شجاع جبان، أم جبان شجاع؟!

***

شاهدت امرأة تسير على الشاطئ وتجر خلفها كلبها وقد ألبسته في قائمتيه الخلفيتين جزمتين، فلم أتمالك نفسي وسألتها لماذا تلبسه في رجليه فقط دون يديه، فنظرت لي ثم رفعت خشمها إلى فوق أكثر من اللازم وقالت: «ولماذا ألبسه في يديه؟! هل أنت تلبس الآن جزمتين في يديك؟!». وقفت أمامها صامتا مستسلما وكأنني تلميذ صغير متعود على التأنيب، ورحت أقلب يدي وأنظر لهما قائلا بانكسار: صحيح، معك حق أنني لا ألبس بهما شيئا. واستدارت وأعطتني قفاها وذهبت، وتبعها كلبها وهو ينظر إلى الخلف ويحدجني بنظرات عدائية، وكأن الملعون قد فهم الحوار الذي دار بيني وبين سيدته.

ولكن هل تعرفون؟! إنني أستاهل ما أتاني من ردها، وإلا ما شأني أنا بها مع كلبها؟! إن شا الله تلبسه حتى مايوه (بكيني) أبو خيط.

[email protected]