«آدي الربيع عاد من تاني»

TT

يصبح الربيع العربي من أعظم إنجازات هذا العصر لو استمر ربيعا، ولو لم يصبح، بعد فترة، خريفا ينذر بتساقط أوراق الأمل في عالم عربي جديد قائم على الحرية والمساواة والدولة العصرية.

أزمة الربيع العربي أنه قام على مبدأ «الإسقاط» فحسب للنظم الحالية، دون أن تكون لديه مشاريع لبناء النظم الجديدة.

الهدم دون بناء.. الإسقاط دون تشييد نظام جديد، يؤدي إلى حالة من الفوضى والخلل والانفلات الكامل لكل قطاعات الدولة والنظام والمجتمع.

الصورة في اليمن الآن تنذر بعدة مخاطر؛ أخطرها نزعة أهل الجنوب إلى الانفصال عن أهل الشمال، وأيضا ظهور النزاعات القبلية والمناطقية بقوة في ظل زيادة مخاطر نشاط «القاعدة» والتيارات المتطرفة، مما دعا وزارة الداخلية اليمنية إلى إعلان حالة التأهب القصوى لمواجهة «احتمالات انفلات أمني كبرى».

أما الموقف في تونس، فهو ينذر بمخاطر اجتماعية يمكن أن تتحول إلى حالة اضطرابات كبرى بسبب زيادة البطالة في مجتمع الشباب، واستعجال المجتمع أي إنجاز للنظام الجديد في تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير فرص عمل.

من ناحية أخرى، تظهر علامات قلق داخل قطاعات من النخبة والمجتمع التونسي من سطوة بعض تيارات الإسلام السياسي المتشددة التي تهدد صيغة الحريات العامة والشخصية التي تميز المجتمع التونسي المنفتح على قيم مجتمع المهاجرين والثقافة الفرنكوفونية.

أما الحالة المصرية، فإن السؤال الذي يطرحه المجتمع هو: كيف يمكن لثورة أطلقها شباب وحماها الجيش أن يحصد ثمارها «الإخوان»؟

هذه المعضلة هي عنصر التفجير السياسي للأوضاع المقبلة على انتخابات رئاسة في مناخ سياسي عاصف، ومجموعة أسئلة ضخمة دون إجابات.

هذا كله يفسر تخوفات واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي من صورة المستقبل في سوريا تحت منطق شهير في الغرب يقوم على المقولة التالية: «الشيطان الذي أعرفه خير لي من الشيطان الذي لا أعرفه»، بمعنى أنه «إذا أسقطنا نظام الأسد، فهل من سيأتي بعده سيكون أفضل منه بالنسبة لتحقيق مصالحنا ومصالح إسرائيل؟!».

الربيع العربي يعيش أخطر اختباراته الآن.