يربح هو

TT

تقول النكتة المكسيكية: إذا تجادل رجل وزوجته على الهاتف، من يربح؟ الجواب، كارلوس سليم، صاحب شركة الاتصالات الوحيدة، «تليمكس». للمرة الثالثة هذا العام، سمي نجل مهاجرين لبنانيين، أغنى رجل في العالم، وعندما وضع أطروحته لشهادة الهندسة المدنية، لم يتمن أن يهديها إلى والده، الذي بدأ حياته في دكان صغير لبيع الأقمشة وأدوات الخياطة.

لكن كارلوس سليم لم ينصرف إلى الهندسة عام 1962، فقد قرأ طالبا سيرة بول غيتي، الملياردير والشحيح، وبدل أن ينضم مع رفاقه إلى حركة تشي غيفارا التي كانت سائدة تلك الأيام، رأى أن العصر للآلات الإلكترونية، فانصرف إلى التجارة، وما يؤسفه اليوم أنه لا يزال في بلاده 50 مليون إنسان تحت حزام الفقر، وأن ثروته ضعفا ديون بلده الأم، لبنان.

يمتلك سليم سلسلة من المطاعم والصيدليات والصحف ومحلات الثياب الفاخرة والعادية، ويشتري ثيابه من الأخيرة، وهو ثاني كبير المساهمين في صحيفة «نيويورك تايمز» بما قيمته 250 مليون دولار، ولم يعرف عنه البذخ، فهو يقود سيارته المرسيدس بنفسه وسط زحام العاصمة الشهير، ولا يزال يجري الحساب على أصابعه، ويستخدم القلم الرصاص في اجتماعات مجالس البنوك التي يملكها، ويقال: إنه ظل يساوم طوال نصف ساعة في البندقية لكي يوفر عشرة دولارات في شراء ربطات عنق عادية.

أنشأ سليم مؤسسة رأسمالها 50 مليون دولار للمشاريع الإنسانية في لبنان، مع أن مواطنيه القدامى كانوا يسعون إلى 50 مليارا، يعود بعدها إلى دكان والده، ويتبرع لمؤسسة بيل غيتس الخيرية، كما يتبرع للمؤسسة التي أنشأتها المغنية شاكيرا، وهي أيضا من أصل لبناني، وقد زارت بيروت مرتين بعكس زميلتها الممثلة سلمى حايك، التي يشاع أنها تمضي أوقاتا طويلة كل سنة قريبا من أشجار الصنوبر التي تساعدها على مواجهة الربو، وقد أقيمت منذ زمان مصحات طبية معترف بها، الطبيب الأهم فيها هو نقاء هواء الصنوبر، وهو شجر كريم النسائم، كريم الثمر، وسيد المواقد.

نجح اللبنانيون وذريتهم في بلدان الآخرين، اتسعت البلدان الكبرى لطموحاتهم وطاقاتهم التي ضاق بها وطنهم المحدود بعشرة آلاف كيلومتر مربع تتناوب عليها الحروب والاضطرابات والاحتلالات، ويبلغون المراتب السياسية العليا في دولة شبه قارة مثل البرازيل، أو الرئاسة في بلد مثل التشيلي وكولومبيا، وفي بلدهم يبلغ النيابة من يملك ثمنها، أو من كان له ثمن.