تلميح أوباما لإيران

TT

لمح الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إيران بأن الولايات المتحدة سوف تقبل برنامجا نوويا مدنيا إيرانيا إذا قام المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بتأكيد تصريحاته العلنية بأن بلده «لن يسعى أبدا لامتلاك أسلحة نووية».

نقل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تلك الرسالة الشفهية إلى إيران خلال زيارته لخامنئي في الأسبوع الماضي. وقبل أيام قليلة من سفره إلى إيران، التقى أردوغان مع أوباما في اجتماع استمر لساعتين في عاصمة كوريا الجنوبية سيول، حيث ناقش الطرفان الرسالة التي سيبلغها أردوغان لآية الله علي خامنئي حول المسألة النووية والأزمة السورية.

أبلغ أوباما أردوغان بأنه ينبغي على الإيرانيين أن يدركوا أن الوقت ينفد قبل التوصل إلى تسوية سلمية، وأنه يتعين على طهران الاستفادة من فرصة المفاوضات الحالية. لم يحدد أوباما ما إذا كان سيتم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم محليا كجزء من البرنامج المدني الذي ستتبناه الولايات المتحدة أم لا. فمن الواضح جليا أن تلك المسألة الحساسة ستترك للمفاوضات التي من المفترض أن تبدأ في الثالث عشر من شهر أبريل (نيسان) في مكان لم يتم الاستقرار عليه بعد.

ويقال إن أردوغان أجاب بأنه سوف ينقل وجهات نظر أوباما إلى خامنئي، ومن المعتقد أنه قام بذلك عندما التقى الزعيم الإيراني يوم الخميس خلال زيارته لإيران التي التقى فيها أيضا بالرئيس محمود أحمدي نجاد وبعض كبار المسؤولين الإيرانيين.

جاء البيان، الذي اعتبره أوباما بمثابة نقطة بداية محتملة، في خطاب بالتلفزيون الرسمي الإيراني في شهر فبراير (شباط) الماضي، حيث قال خامنئي: «لم تسع إيران ولن تسعى أبدا لامتلاك أسلحة نووية.. إن إيران لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية، حيث تعتبر الجمهورية الإسلامية امتلاك الأسلحة النووية خطيئة كبرى من الناحية المنطقية والدينية والنظرية، وتؤمن بأن انتشار مثل تلك الأسلحة هو أمر عديم الجدوى ومدمر وخطير».

يكمن التحدي الذي يواجه المفاوضين الآن في مدى إمكانية تحويل خطاب خامنئي العام إلى التزام جدي يمكن تحقيقه بعدم صنع قنبلة نووية. يقال إنه عندما استشهد أوباما بتلك العبارة كبداية يمكن البناء عليها، أومأ أردوغان برأسه تعبيرا عن الموافقة.

وعلى الرغم من ذلك، ما زال المسار الدبلوماسي يبدو مسدودا، كما يتضح من خلال الجدل الذي دار في الآونة الأخيرة حول مكان انعقاد تلك المفاوضات. كان من المتوقع أن تستضيف العاصمة التركية أنقرة تلك المفاوضات، ولكن الإيرانيين رفضوا هذا الأمر مؤخرا، مقترحين أن يلتقي المفاوضون في العراق أو الصين. وينظر المسؤولون الأميركيون إلى هذا التلكؤ باعتباره إشارة إلى أن القيادة الإيرانية لا تزال تكافح من أجل صياغة موقفها التفاوضي.

ويعتبر قيام أردوغان بدور القناة الخلفية بمثابة الدليل الأكثر وضوحا حتى الآن على العلاقات الوثيقة التي تربط أوباما بالزعيم التركي. لقد كان أردوغان، الذي يترأس حزبا إسلاميا غالبا ما يشار إليه على أنه نموذج للديمقراطية الإسلامية، شريكا رئيسيا للولايات المتحدة في التعامل مع الأزمة السورية وغيرها من الأزمات التي ترتبت على اندلاع ثورات «الربيع العربي».

وتتمثل إشارة أخرى دالة على دور الوسيط الذي يلعبه أردوغان في مرافقة رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان، ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، له خلال اجتماعه مع الرئيس الأميركي أوباما ورحلته إلى إيران. يقال إن فيدان تربطه علاقات وثيقة مع قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الإيراني، والذي يعتبر على الأرجح أقرب المستشارين إلى خامنئي في ما يتعلق بالقضايا الأمنية.

كانت الأزمة السورية موضوعا مهما آخر على طاولة مناقشات أردوغان وأوباما وخلال زيارة أردوغان التي تلتها إلى إيران. فقد أخبر رئيس الوزراء التركي الرئيس الأميركي أنه سوف يضغط على إيران لتقليص دعمها للرئيس السوري بشار الأسد، الذي أيده أردوغان من قبل ولكنه الآن مصمم على إسقاطه. وأضاف أردوغان أنه ينوي إخبار خامنئي بأن الهجمات السورية على قوات المعارضة الإسلامية يجب أن تتوقف. وفي غضون ذلك، يحاول الأتراك أيضا دعم المعارضة السورية حتى يتسنى لها تقديم بديل معقول لحكم الأسد.

يرى بعض المحللين العرب تراجع الدعم المقدم للأسد من قبل إيران ووكيلها اللبناني، حزب الله، الذي دعا أمينه حسن نصر الله في الأسبوع الماضي للتوصل إلى «حل سياسي» مع المعارضة. يعتبر اللاعب الرئيسي في أي تحول منظم من هذا القبيل هو الرئيس الروسي المنتخب فلاديمير بوتين، الذي يأمل المسؤولون الأميركيون أن يتمكن من التوسط للتوصل إلى اتفاق حول سوريا قبل أن يلتقي أوباما في قمة مجموعة الثماني في الشهر المقبل.

في الوقت الذي تتجادل فيه القيادة الإيرانية بشأن موقفها التفاوضي، تتزايد شدة وتيرة العقوبات الغربية المفروضة على إيران. يتوقع نات كيرن، رئيس تحرير «فورين ريبورتس»، وهي نشرة رائدة في مجال النفط، أن تفقد إيران نحو ثلث صادراتها من النفط بحلول منتصف الصيف. وربما يزداد الأمر سوءا بالنسبة لإيران بعد الأول من يوليو (تموز) المقبل في حال مضي كل من الصين والاتحاد الأوروبي في تنفيذ تحذيراتهما الأخيرة الخاصة باحتمالية توقفهما عن تأمين الناقلات التي تحمل النفط الإيراني الخام.

ويعتقد مسؤولون أميركيون أنه إذا رفضت إيران الدخول في المفاوضات، فسوف يكون من السهل تشديد العقوبات المفروضة عليها.

* خدمة «واشنطن بوست»