دمي ودموعي و«ثورتي»!

TT

سباق الترشيحات الرئاسية في مصر يزداد إثارة وغرابة في آن، فالآن وقد أغلق باب الترشح رسميا وانتهى تاريخ قبول الأسماء المتقدمة للترشح، ولكن هناك مفاجآت تتوالى على هذا الحدث السياسي الكبير، فبعد الجدل الكبير حول حصول والدة المرشح السلفي حازم أبو إسماعيل على الجنسية الأميركية، وبالتالي سقوط حقه في الترشح باعتبار ذلك مخالفا للقانون الذي لا يسمح بأن يكون والد أو والدة المرشح حاصلا على جنسية أخرى غير المصرية، وطالت إشاعات مشابهة كلا من محمد سليم العوا وعبد المنعم أبو الفتوح، إلا أنهما نفيا المسألة ولم يتم إثبات أي شيء بحقهما، وكذلك كان هناك جدل متواصل يخص مرشح حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر، فيما لو كانت الأحكام القضائية الصادرة بحقه سابقا قد أسقطت، أم أنها لا تزال قائمة وتعيق بالتالي ترشحه.

وفي وسط كل هذا الصخب والجدل، أعلن نائب الرئيس المصري السابق والمسؤول عن جهاز المخابرات إبان حكم الرئيس السابق حسني مبارك، الفريق عمر سليمان، ترشحه في اللحظات الأخيرة، وهو الذي كان قد أعلن بوضوح شديد أنه لن يترشح، واعتذر لأنصاره الذين طالبوه بذلك، ولكن عاد ليقول: «إنه رضخ لرغبات الجماهير الوطنية العريضة، ولن يستطيع رفض طلبها، لأنه دوما كان جنديا يلبي النداء، وهو حريص على إنقاذ الثورة ممن يرغب في خطفها».

ويتقدم الإسلاميون بمرشح آخر في اللحظات الأخيرة، وهو الداعية المثير للجدل صفوت حجازي، علما بأن حزب الحرية والعدالة استعد بمرشح «احتياطي»، وهو محمد مرسي، رئيس الحزب، تحسبا في حالة رفض المرشح الأساسي خيرت الشاطر، وكذلك تم رفض ترشح أيمن نور بصورة نهائية.

الساحة مفتوحة على مصراعيها، والحديث قائم عن «تكتلات» بين عمر سليمان وعمرو موسى وأحمد شفيق، وكذلك هناك حديث عن تعاون بين عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد البرادعي وحمدين صباحي، على الرغم من النفي القاطع من قبل محمد البرادعي، ولذلك هناك فريق لديه قناعة بأن المجلس العسكري يريد إقصاء جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين من الساحة، وبالتالي يعيدون عقارب الساعة 13 شهرا للوراء لتسليم البلد إلى نائب آخر رئيس كان يحكمه، والشخصية التي «نقلت» الحكم من مبارك للمجلس العسكري في خطاب مقتضب معروف.

وفريق آخر يرى أن البلد اختطف من فريق متطرف، وسيعيده لخانة استبداد الحزب الواحد الذي لا قدرة لديه على التعايش ولا على التكيف مع الآخرين، وهذه المسألة باتت نظريا وعمليا مرفوضة بعد قيام ثورة «25 يناير» وطلبات الثوار فيها.

رعونة المرشحين وتخبط برامجهم وعدم درايتهم بالشروط كل ذلك ظهر جليا في حالة قيام التيار السلفي ومرشحه حازم أبو إسماعيل وكذلك حزب الحرية والعدالة وخيرت الشاطر، مما تسبب في هبوط «قيمة» حضورهم في الشارع السياسي بشكل كبير بدا واضحا من الحجم الضئيل في الشارع، الذي لم يخرج لا محتجا ولا متعاطفا على القرارات الصادرة بحق حازم أبو إسماعيل.

مصر اليوم تختار بين الاستقرار والتغيير، وهما مفهومان متداخلان جدا في وضع مفتوح وغير واضح الملامح تسبب فيه فكر طاغ «قديم» وفكر طاغ جديد. المجلس العسكري أسقط مبارك وضحى به ذات يوم لأجل الحفاظ على النظام لا لإسقاطه، ويبدو من خلال ترشيح المجلس العسكري لعمر سليمان بشكل واضح أنه يريد تأكيد ذلك باسم الاستقرار و«حماية الثورة».

[email protected]