سر الابتسامة في «ديزني لاند»!

TT

عندما يضبط أحد المسؤولين موظفا ما في المدينة الترفيهية الشهيرة «ديزني لاند» وهو لا يبتسم في وجوه الزوار، يأتي إليه ليهمس في أذنه بأن يبتسم. وإذا كرر الموظف فعلته، يقول له أحيانا كلمة سر «underground please» أي يدعوه للنزول إلى السرداب حيث توجد مدينة أخرى إدارية تحت أرض «ديزني لاند» ينال فيها قسطا من التوبيخ اللازم.

ليس هذا فحسب؛ بل إن إعلانات التوظيف ومقابلاته تعلنها صراحة: «إذا كان لديك الاستعداد والمقدرة على الابتسام» فمرحبا بك. وقد قبل العديد من المتقدمين للوظائف لأن وجوههم تشرق بالابتسامة العفوية الآسرة.

ووجد القائمون على المدينة أن سر خدمة العملاء، يكمن في الابتسامة وتلبية حاجات ورغبات العميل. وربما هذا ما دفع أشقاءنا اللبنانيين إلى أن يقولوا منذ زمن بعيد: «لائيني ولا تغديني»، أي حسن المحيا والبشاشة أفضل من افتراش الأرض بالولائم. وقد وجد باحث ومسوق ذكي سر الابتسامة في المبيعات عبر الهاتف، فابتكر نظاما يقوم على فكرة ابتسام المسوق عبر الهاتف لحظة رفعه السماعة وقبل شرح الخدمة أو السلعة، فحققت مبيعاته ارتفاعا ملحوظا، وسجل براءة اختراع ذلك النموذج التسويقي. وقد أظهر العلم الحديث أن الابتسامة تسمع عبر سماعة الهاتف لأن المرء حينما يبتسم تتغير المسافة بين شفتيه وحنجرته محدثة صوتا مألوفا لدى السامع، وهو تكتيك أشرح تفاصيله في دوراتي التدريبية ويلقى اهتماما ملحوظا.

وتشير إحدى الدراسات إلى أن فعل الابتسام يحرك 17 عضلة في وجه الإنسان، فيما يحرك العبوس أو التجهم نحو 43 عضلة؛ بمعنى أن التبسم يتطلب مجهودا أقل! والابتسامة العفوية هي أصدق تعبير عن مشاعرنا، غير أن كثيرين منا لا يبتسمون اعتقادا منهم أنه يجب أن ينتظروا موقفا يستدعي «إقدامهم» على الابتسام، أو ينتظرون الآخرين حتى يبتسموا في وجوههم، فيبقون في حالة الانتظار هذه طوال حياتهم!

والبعض الآخر يصر على أن لا يبتسم رغم أن «تبسمك في وجه أخيك صدقة» كما في الحديث الشريف. وهناك من لا يتبسم لأنه يظن واهما أن تقطيب الجبين هو نوع من أنواع تفريغ الهموم أو محاولة مطلوبة لاستدرار عطف الناس، ولا يعلم أنه لا يزيد سوى الطين بلة. فالتغلب على المشاعر السلبية لا يكون إلا بإحلال ردود فعل إيجابية محلها. وما الابتسامة إلا أحد هذه الحلول التي لا تأتي إلا بقرار شخصي.

والابتسامة أو الضحكة الصامتة سر أدركه القائمون على أشهر مدينة ترفيهية في التاريخ التي بنت كل مرافقها وخدماتها على فكرة الابتسامة والمرح، حتى إن لدى «ديزني لاند» متجرا اسمه «Smile Factory» أو «مصنع الابتسامة» وإن كان هدفهم الأساسي بيع منتجات المدينة بشخصياتها الباسمة، إلا أنهم صاروا، من حيث لا يعلمون، يُصَدِّرون من بواباته الابتسامة الجميلة للعالم.

[email protected]