غطينا جميعا يا صفية!

TT

أرجو أن يتسع صدر «الإخوان» في مصر (وليس الإخوان المصريين) لبعض الملاحظات التي أقسم أن لا خلفها ولا أمامها ولا بين بين، فقد سمعت ورأيت خطيبنا في مجلس الشعب الموقر يفور غضبا، ويغور شذرا، طالبا «عزل» رموز النظام المخلوع، ومنع جميع المنتسبين إليه من خوض أي معركة سياسية قبل عشر سنوات.

في النظم الديمقراطية الربيعية العزل يعني التجريد من الحقوق المدنية، والتجريد من الحقوق المدنية يقتضي حكما قضائيا مفندا، والحكم القضائي المفند يصدر على فرد لا على جماعة، ولا على عشرات آلاف البشر الذين، بطريقة أو بأخرى، كانوا جزءا من نظام عاش ثلاثين عاما. العزل الجماعي ممكن في حالة واحدة هي الحرب، كما عزل الأميركيون مواطنيهم الذين من أصل ألماني.

أما الحل الأكثر بساطة ولياقة وقانونا وهدوءا، فهو أن الاقتراع الذي أوصل سيادة العضو، بكامل حركاته السينمائية إلى مجلس الشعب، يمكن أن يمنع وصول النظام السابق وفلوله ورموزه.

لا يمكن حرمان أحد من حق الترشح أو حق الاقتراع إلا في نظام الرجل الواحد ووريثه الوحيد، أما وقد حملت الانتخابات البرلمانية للمرة الأولى أكثرية من «الإخوان» والسلف وهزمت العهد البائد ووضعت رموزه في سجن طرة، فعلى ماذا الخوف وممن؟ دعوا الناخب المصري الذي اختار نائبه يختار رئيسه أيضا، أما حصر المرشحين بفئة واحدة من الناس فلا شبه له إلا في الديمقراطية الإيرانية، حيث يتم سلفا انتقاء من يحق له الترشح.

كان حسني مبارك (استمرارا لـ23 يوليو/ تموز منذ 1952) يمنع ترشح «الإخوان»، والآن يريدون منع ترشح جماعة مبارك، سبق وقلنا: لا فرق بين ديكتاتورية الفرد وديكتاتورية الجماعة، وهو رأي عمره من عمر الحريات والديكتاتوريات، وكررنا أن الناخب البريطاني أسقط تشرشل وثاتشر، والناخب الفرنسي أبعد ديغول، فيما قبض ليونيد بريجنيف على الاتحاد السوفياتي بحاجبيه الكثين مثل شاربي ستالين.

لا نريد لبرلمان سعد زغلول أن يبدو مثل استجوابات مجلس الأمة الكويتي، حيث تقدم المعارضة مائة استجواب فارغ ولا تقدم مشروع اقتراح واحدا فيه خير لأحد. كان مشهد النائب المصري، المتحرك مثل دواليب الهواء، مضحكا ومزعجا، يحكي بالديمقراطية وهو واقف على رقبتها، ويتحدث عن حماية الثورة وهو يدوس على الحرية، أول شعاراتها، وكان يعتقد ويحاول إقناع المبليين بالاستماع بأنه سعد الأمة الجديد، ورحم الله سعد الأصيل وقوله الشهير: «ما فيش فايدة يا صفية. غطيني».