برلمان الإخوان ينزل الشارع لمنع عمر سليمان من الترشح

TT

ازداد المشهد السياسي سخونة في مصر بشكل مفاجئ منذ إغلاق باب الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية في الثامن من أبريل (نيسان)، وراحت جماعة الإخوان المسلمين تهدد علانية باتخاذ إجراءات حاسمة داخل البرلمان الذي تسيطر عليه وفي الشارع، من أجل استعادة سيطرتها على تطور الأحداث. فقد تلقى الإخوان عدة انتكاسات متتالية، باتت تهدد مشروعهم السياسي بعد أن كانوا على وشك فرض نفوذهم على جميع أجهزة الدولة المصرية.

وبينما فشل برلمان الإخوان في إجبار حكومة كمال الجنزوري على الاستقالة، فقد جاء قرار المحكمة الدستورية بإلغاء لجنة وضع الدستور التي شكلها لينفرد الإخوان بوضعه، بمثابة هزيمة كبيرة للبرلمان والجماعة. وبعد أن كانت الجماعة تعد دستورا يسمح لها بإلغاء نظام الدولة المدنية الذي عرفته مصر منذ بداية تاريخها الحديث، وإقامة نظام جديد على أساس ديني يسمح لها فيما بعد بإعلان عودة الخلافة الإسلامية في القاهرة، صار عليها الآن أن تقبل التوافق على الدستور مع باقي طوائف المجتمع المصري وفئاته، بعد أن حققت القوى الليبرالية نصرا كبيرا بإلغاء القضاء للجنة الدستور.

إلا أن الضربة الموجعة التي تلقاها الإخوان مؤخرا، كانت هي إعلان اللواء عمر سليمان - مدير المخابرات السابق - عن ترشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية التي ستجرى قبل أواخر شهر مايو (أيار) المقبل. ذلك أن جماعة الإخوان التي نالت أحزابها الأغلبية في الانتخابات البرلمانية السابقة، بدأت تشعر بأن الشارع المصري قد تغير مزاجه بشكل مفاجئ، ولم يعد ينظر لها على أنها تعبر عن طموحاتهم في تحقيق آمالهم السياسية بعد سقوط نظام الرئيس مبارك. ورغم أن الإخوان لديهم ثلاثة مرشحين يتنافسون على كرسي الرئاسة - خيرت الشاطر نائب مرشد الجماعة ومحمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة وعبد المنعم أبو الفتوح الذي رشح نفسه خارج الجماعة - فهم يخشون من أن يؤدي تغير المزاج الشعبي إلى فوز عمر سليمان بالرئاسة.

فقد بينت استطلاعات الرأي الأخيرة شعور الكثيرين بالانزعاج من محاولة الإخوان السيطرة على كل السلطات في الدولة المصرية، وفرض نظام شمولي جديد بدلا من نظام الحزب الوطني الذي أسقطته الثورة. وصار الناخبون يرون في عمر سليمان رئيسا يستطيع إعادة الأمن والطمأنينة إلى البلاد، وإعادة العلاقات الطبيعية بين مصر والدول العربية من ناحية، وبين مصر والولايات المتحدة من ناحية أخرى. ومحاولة منهم لاستبعاد عمر سليمان من حلبة السباق على الرئاسة، قرر برلمان الإخوان إصدار قانون يمنع ترشح كل من عمل مع الرئيس السابق حسني مبارك في السنوات الأخيرة للانتخابات الرئاسية. إلا أنهم سرعان ما أدركوا أن القواعد القانونية السارية في مصر لن تسمح لهم بالتخلص من سليمان بهذه السهولة. فرغم استطاعتهم إصدار قانون منع ممارسة الحقوق السياسية على الذين عملوا مع مبارك بسبب الأغلبية الكبيرة التي يملكونها في البرلمان، فإن قواعد القانون المصري لا تبيح تنفيذ القوانين بأثر رجعي، حيث إن سليمان رشح نفسه فعلا ولا يمكن لقانون يصدر لاحقا إهدار حقه في الترشح.

لهذا قرر الإخوان النزول إلى الشارع وحدهم، في تحد صريح - ليس فقط للمجلس العسكري الذي يشرف على المرحلة الانتقالية - بل كذلك لشباب الثورة الذين رفضوا النزول معهم، ولجميع القوى السياسية الوطنية التي تفضل تطبيق القانون وترغب في إعطاء الفرصة للناخبين أنفسهم لاختيار من يرونه صالحا لحكم البلاد في المرحلة القادمة.

وهكذا بعد أن بدأت الجماهير المصرية تدرك أنها أخطأت في منح أصواتها لجماعة الإخوان وتريد الآن اختيار رجل تثق في قدرته على إعادة الحياة الطبيعية إلى البلاد ومنع احتكار الإخوان للسلطة، قرر الإخوان استخدام كل الطرق - القانونية وغير القانونية - في سبيل السيطرة على رئاسة الجمهورية، حتى لو أدى ذلك إلى وضعهم في موقف مضاد لرغبة الجماهير والقوى الشعبية. فهل يتمكن الإخوان من الانقلاب على ثورة 25 يناير وفرض سيطرتهم بالقوة على شعب مصر؟