سوريا: خسارة أم خسارة أكبر؟

TT

لست أعرف ما هو حجم المصداقية المتوفرة للنظام السوري حتى يتم إعطاؤه مهلة تلو الأخرى من أجل إثبات حسن النوايا تجاه مواطنيه؟

أتعجب من الجامعة العربية، ومن الأمم المتحدة، ومن مجلس الأمن الدولي، والأمين العام للأمم المتحدة، ومن كوفي أنان، المبعوث المشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة، الذين يعتقدون - ولو للحظة واحدة - أن الحكم في دمشق سوف يوقف إطلاق النار، دون قيد أو شرط، وسوف يبدأ في صبيحة اليوم التالي «شهر عسل سياسي» مع معارضيه!

ما يحدث الآن، هو لعبة شراء الوقت الشهيرة، التي لعبها قبل ذلك نظام صدام حسين في العراق في ملف التفتيش على أسلحة الدمار الشامل، ولعبها القذافي في مسألة إيقاف إطلاق النار أثناء الحرب الأهلية الليبية، ونفس لعبة شراء الوقت هي التي تلعبها الآن - بمهارة - طهران مع وكالة الطاقة الذرية ودول الاتحاد الأوروبي.

المماطلة لا تؤدي في النهاية إلا إلى نتيجة واحدة وهي زيادة فاتورة الخسائر البشرية والمادية على الجميع، مع النهاية الحتمية المعروفة وهي رحيل نظام الاستبداد.

منطق الحسابات في اللعبة الحالية هو ليس المكسب أو الخسارة، ولكنه إما خسارة نظام الأسد الآن أو خسارته لاحقا!

منطق الحسابات إما أن تكون الفاتورة باهظة الآن أو باهظة للغاية بعد فترة، طال الزمان أو قصر.

الأميركان في انتخابات رئاسة، وفرنسا وروسيا والصين وبريطانيا ما بين مرحلة ما قبل أو أثناء أو بعد انتخابات داخلية، وانشغال بأزمات البطالة وأسعار الطاقة وديون أوروبا ومستقبل الدولار الأميركي.

لا أحد الآن يضع المسألة السورية على صدارة سلم الأولويات الخاصة به، إلا في حالة إذا كانت تصلح كمسألة ضغط أو مقايضة تكتيكية مع إيران. حتى تركيا لديها مشاكل داخلية تبدأ بالأكراد، وتمر بالمعارضة البرلمانية وتنتهي بالأوضاع الاقتصادية.

وإذا كانت البدائل المطروحة الآن على الوضع في سوريا هي تسليح المعارضة، أو دخول قوات تركية على الحدود وعمل منطقة آمنة لتهديد النظام السوري، فإن البديل الأقوى والأرجح في يقيني، كان وما زال انقلابا عسكريا من داخل القصر مدعوما بالجيش لإنقاذ النظام والبلاد من استمرار طوفان الدماء اللانهائي. بانتظار العميد أو الجنرال الذي سوف يذيع البيان الأول، وبانتظار ضابط الأمن الذي سيفجر نفسه داخل القصر الرئاسي، سوف يستمر الأبرياء في دفع فاتورة دموية ليس لها سابقة في التاريخ منذ الحرب العالمية الثانية، إلا ما قام به موبوتو في زائير، وما قام به «الخمير الحمر» في كمبوديا.