السعودية: «القاعدة» حقوقية أم الحقوقيون «قاعدة»؟

TT

بث التلفزيون السعودي تسجيلا لحوار بين أحد أفراد «القاعدة باليمن» والسفير السعودي في صنعاء، تعلن فيه «القاعدة» مسؤوليتها عن اختطاف القنصل السعودي لدى اليمن، وموضحة فيه شروطها من أجل إطلاق سراح الدبلوماسي السعودي المختطف، ومن ضمن الشروط التي وضعتها «القاعدة» إطلاق سراح جميع المساجين المنتمين لـ«القاعدة» بالسعودية.

وبالطبع فإن هذه ليست القصة، فاللافت أن المنتسب لـ«القاعدة» حدد أسماء بعض من يريد التنظيم الإرهابي إطلاق سراحهم، ومن ضمنهم بعض النساء السعوديات، حيث تريد «القاعدة» من السعودية إطلاق سراحهن، وإرسالهن لليمن! والمذهل أن عضو «القاعدة» حدد باتصاله أسماء المسجونات وهن: نجوى الصاعدي، وأروى بغدادي، وحنان سمكري، ونجلاء الرومي، وهيفاء الأحمدي! وعندما نقول إن هذا الأمر مذهل فلسبب بسيط، فجل تلك الأسماء النسائية التي حددتها «القاعدة» من الأسماء التي قامت من أجلهن حملة كبيرة على الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، من «فيس بوك» و«توتير»، وتحت غطاء المطالب الحقوقية، ودول الحقوق والمؤسسات، وعلى أنهن، أي المسجونات، مسجونات رأي، وأن الحكومة السعودية تقوم بقمعهن!

وبالطبع، وجدت تلك الحملات المزعومة باسم الحقوق والمؤسسات رواجا كبيرا في حينها بسبب فائض المشاعر المتولدة عما يسمى «الربيع العربي»، حيث اختلط وقتها الحابل بالنابل، فأصبح المتهمون بالانتماء لـ«القاعدة» في السعودية متساوين بالنشطاء الذين اعتقلوا في الدول التي وقعت فيها ثورات، أو انتفاضات. وذلك كله بالطبع بفضل الحملات المسعورة، والمشاعر العربية الملتهبة تجاه ما يحدث في المنطقة، وتحديدا وقتها تونس ومصر، وكذلك بفضل الاهتمام الإعلامي الغربي المتزايد حينها في السعودية، وتحديدا يوم التحريض على ما عرف زورا باسم «ثورة حنين».

اليوم، وبحسب التسجيل الذي بثته الداخلية السعودية لأحد المنتمين لـ«القاعدة» وهو يفاوض السفارة السعودية بصنعاء، يتضح أن من اعتبرن سجينات رأي في السعودية، وهبّ من يصفون أنفسهم بأنهم حقوقيون بالدفاع عنهن، ما هن إلا منتميات لتنظيم القاعدة الإرهابي، وأن «القاعدة» لا تطالب بالإفراج عنهن وحسب، بل وتريد من الرياض نقلهن إلى التنظيم في اليمن. وعليه، فإن السؤال المستحق هو: هل أصبح تنظيم القاعدة الإرهابي محسوبا على الحقوقيين، أم أن الحقوقيين أصبحوا محسوبين على «القاعدة»؟ سؤال مهم وجوهري، لأن الواضح هو أن خلط الأوراق هذا لم يكن صدفة، أو عن جهل، بل إن تلك الحملات المنظمة كان الهدف منها التأليب، ودفع الأمور إلى فوضى، وأيا كانت الأسباب.

والحقيقة أنه إذا كان لما يسمى «الربيع العربي» حسنات تذكر، فهي إسقاط جملة من الأكاذيب، والشعارات المزورة، التي تعج بها منطقتنا منذ عقود، سواء سياسيا، أو دينيا، وحتى ثقافيا. ولذا فإننا نرى اليوم ربكة كبيرة على مستوى ساسة، ومثقفين، وإعلاميين كبار، بل ها نحن اليوم نشهد أيضا انكشاف كذبة الحقوقيين والمدافعين عن دولة المؤسسات في السعودية، حيث اتضح أن من تم الترويج لهن على أنهن سجينات رأي لسن إلا على علاقة بـ«القاعدة» التي تطالب بالإفراج عنهن اليوم، بل وتريد تسلمهن في اليمن! حقا إنه عام سقوط الأقنعة.

[email protected]