ماذا قرأ هتلر

TT

عثر في مكتبة هتلر على 16 ألف مجلَّد، ونسب إليه أنه كان يقرأ كتابا كل ليلة، حتى على جبهة الحرب العالمية الأولى يوم كان عسكريا برتبة عريف. وفي الحرب العالمية الثانية سوف يقود العريف السابق مارشالات وجنرالات ألمانيا، في حرب انتهت بانتحاره في السادسة والخمسين من العمر.

يقتضي استعراض الكتب التي كان يقرأها الفوهرر وقتا طويلا. لكن اللافت أنه كان معجبا برواية دون كيشوت لسرفانتس ومحاربة طواحين الهواء. وكان يعتقد أن شكسبير كان أعظم بكثير من شاعري ألمانيا، غوته وشيللر. وأعاد مرارا قراءة «مغامرات روبنسون كروزو» لدانيال ديفو، التي كنا نعتقد أنها كتاب للصغار، لكن كلما قرأت نقدا أو بحثا للأدباء الإنجليز اليوم، أرى أنهم يضعونه بين أمهات الكتب ومدارس الرواية. لم يكن يترك مسرحيات شكسبير تبتعد عنه. وأحبها إليه كانت «هاملت» و«يوليوس قيصر»، وكان يردد دائما قول هاملت «نكون أو لا نكون، تلك هي المسألة»، كما كان يخاف دائما أن يقوم من بين أعوانه «بروتوس» يطعنه في الظهر. وعلى إحدى نسخ «يوليوس قيصر» رسم بيده صورة للإمبراطور الروماني وهو جثة ممزقة بخناجر رفاقه.

ويبدو أنه كان ميالا إلى كتب المغامرات. وعندما قرأ «قراصنة البحر الأحمر» لكارل ماي قال: «شعرت بالانبهار وطفقت أقرأ جميع كتبه غير آبه بفروضي المدرسية». ويروى أنه عندما كبر في العمر كان يستعيد قراءة كارل ماي كلما شعر بإحباط نفسي. بين الكتب كانت هناك مخطوطة هنري فورد (مؤسس شركة السيارات حاملة الاسم) المناهضة للسامية وعنوانها: «اليهودي العالمي: مشكلة العالم». ولذلك لجأ كثيرون إلى دراسة هتلر من خلال مكتبته، عملا بقول هيغل إنه يمكن التعرف إلى شخص ما بعد وفاته أكثر مما يمكن فهمه حيا.

تحفظ كتب هتلر مكدسة على رفوف متواضعة في أحد مباني مكتبة الكونغرس، بعيدا جدا عن الفخامة التي كانت تحاط بها في قصر المستشار الألماني أو في مقار إقامته الأخرى. وكان ينقل الكتب معه حيثما ذهب، ولا يقبل إلا أن يعيد ترتيبها بنفسه على الرفوف العاجية. وكانت هذه تراوح بين الرسوم السياسية الكاريكاتيرية في العشرينات ومجموعة «رسائل فريدريك الأكبر» التي أهديت إليه في عيده الخمسين. وهي موضوعة الآن إلى جانب كتاب ضخم مصور عن مدينة هامبورغ، وآخر مصور أيضا عن الأسطول الألماني في الحرب العالمية الأولى، ونسخة عن كتاب «الحرب هي السياسة بوسائل أخرى» للاستراتيجي الشهير كلاوسفتز. وإلى هذه كتاب عن النباتيين أهداه صاحبه إلى «السيد هتلر، نباتيا». أكثر هذه الكتب ملئت أطراف صفحاتها بالحواشي التي كتبها هتلر بخط يده. الرجل الذي كان يحكي دون انقطاع ومن دون أن يصغي إلى أحد، على الإطلاق، يبدو أنه كان يصغي بانتباه إلى ما يقوله المؤلفون ويدون ملاحظاته على أقوالهم، واضعا علامة تعجب هنا أو راسما علامة استفهام هناك. أما الكتاب الذي دوَّن عليه العدد الأكبر من الملاحظات فهو «كتابات ألمانية» لبول لاغارد (1934) الذي يقترح «إعادة زرع» يهود ألمانيا والنمسا في فلسطين، ونقل «هذه المياه الملوثة من شوارعنا وبحيراتنا».