علاقات أبو زبيدة الواضحة مع «القاعدة»

TT

في مقال بعنوان «لماذا لم يحاكم أبو زبيدة؟»، نُشر في 29 مارس (آذار)، أشارت المحامية أماندا جاكوبسن إلى أن السبب وراء عدم قيام الحكومة الفيدرالية، حتى الآن، بتوجيه اتهام إلى موكلها بعد قضائه 10 سنوات قيد الاحتجاز في الولايات المتحدة هو ببساطة «أن الحكومة كانت مخطئة في اعتقاداتها»، وأنها بنت «مزاعمها المفرطة في الغلو» حول أبو زبيدة على ادعاءات كاذبة. وأضافت جاكوبسن: «الواقع أن الحكومة اعترفت صراحة في قضية مثول أبو زبيدة أمام المحكمة بأنه لم يكن عضوا على الإطلاق في تنظيم القاعدة ولم يكن لديه أي علم بعمليات (القاعدة)».

لكن لسوء الحظ، فإن جاكوبسن هي من فهمت الأمور بصورة خاطئة.

والحقيقة أنه في أواخر عام 2006، وصف المسؤولون الأميركيون أبو زبيدة بأنه ثالث أهم رجل في تنظيم القاعدة – لكن هذا الوصف لم يعد قائما الآن – وذلك لأن فهمنا للعلاقات بين العناصر الجهادية تطور بمرور الوقت.

على الرغم من ذلك، لا يزال هناك إجماع على كون أبو زبيدة إرهابيا خطرا؛ ففي الوقت الذي يمكننا فيه الآن فهم لقب وعلاقات أبو زبيدة مع تنظيم القاعدة بطريقة أفضل من عام 2006، فلم تتغير طبيعة الأنشطة التي يعتقد أنه كان ضالعا فيها.

ولا يزال سجل أبو زبيدة موجودا في قائمة السير الذاتية للمعتقلين على مواقع الإنترنت الخاصة بوزارة الدفاع، في الوقت الذي يقول فيه مدير الاستخبارات الوطنية إن الأنشطة التي قام بها أبو زبيدة تتضمن تنظيم الهجمات الإرهابية وتهريب الإرهابيين الفارين عبر الدول والحصول على وثائق مزورة وتقديم تمويل للإرهابيين وغيرها من الجرائم. ويقال إن أبو زبيدة كان يدير دور الضيافة في بيشاور وإسلام آباد التي كانت توفر الملاذ الآمن للمتشددين أثناء سفرهم إلى معسكر «خالدين»، الذي كان أبو زبيدة يديره في أفغانستان؛ حيث كانوا يتلقون التدريب على استخدام المتفجرات والأسلحة الخفيفة وقاذفات الصواريخ. وطبقا لتقرير أصدرته الحكومة الكندية في 2010، فإن «الجمع بين إدارة دور الضيافة والمشاركة في التدريب وتجميع جوازات السفر يجعل منه أحد أسباب التطرف الإسلامي». وقد قامت الأمم المتحدة بإعادة النظر في ملف أبو زبيدة في شهر يونيو (حزيران) 2010 وقررت الإبقاء على صفة الإرهاب التي تطلقها عليه، واصفة إياه بأنه «شخص مقرب» من أسامة بن لادن.

أما في ما يتعلق بقضية إحضار أبو زبيدة أمام المحكمة، فمن الواضح أن قيام الحكومة الأميركية بإعادة التوصيف القانوني لعلاقات أبو زبيدة مع «القاعدة» كان مقصورا على ما تعتبره ضروريا لإثبات صحة استمرار اعتقاله. وفي التقرير الذي أرسلته ردا على مذكرة إحضار أمام المحكمة في 2009، أشارت الحكومة - في ما يتعلق بإثبات قانونية اعتقال أبو زبيدة - إلى أنها ليست بحاجة إلى تأكيد أو إثبات أنه تعهد بالولاء لأسامة بن لادن، وأكدت الحكومة أنه بعض النظر عما إذا كان أبو زبيدة قد قدم هذا العهد أم لا «فمن الواضح أنه كان (جزءا من) وقدم (دعما كبيرا) لتنظيم القاعدة والخلايا المرتبطة بها».

سيكون من الخطأ القول إن قرار الحكومة الفيدرالية بإعادة صياغة توصيفها القانوني لأبو زبيدة بهدف إرسال تقرير قانوني محدد كان بمثابة تراجع عن مزاعمها بعلاقات أبو زبيدة بـ«القاعدة». وقد صرح مسؤول أميركي في مكافحة الإرهاب لصحيفة «واشنطن بوست» عام 2009: «من الخطأ أن نزعم أن أبو زبيدة لم يكن ببساطة متورطا في علاقات وثيقة مع تنظيم القاعدة. لقد كان من بين أحد الذين قاموا بتسهيل عمليات تلك المنظمة الإرهابية وقام بتقديم رؤى جديدة حول طريقة عمل المنظمة وزودنا ببعض المعلومات الحساسة حول الشخصيات القيادية في تنظيم القاعدة، وقام بتعريف المئات من أعضاء تنظيم القاعدة. كيف يتسنى لأي شخص التقليل من أهمية تلك المعلومات، التي تعتبر من أفضل المعلومات التي كانت في حوزتنا حول تنظيم القاعدة في ذلك الوقت؟».

من المعتقد أن أبو زبيدة كشف عن معلومات حساسة حول «القاعدة» بعد إلقاء القبض عليه. كتب علي صوفان، عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، حول كيفية قيامه وآخرين بانتزاع المعلومات المهمة حول «القاعدة» من أبو زبيدة عن طريق أساليب الاستجواب التقليدية، من دون اللجوء إلى طريقة الإيهام بالغرق؛ حيث تأكدوا أن خالد شيخ محمد كان هو العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 وعلموا أيضا بشأن خوسيه باديلا والمؤامرة الإرهابية التي كان من المقرر تنفيذها داخل الولايات المتحدة.

إنني أشارك جاكوبسن مخاوفها بشأن احتجاز المشتبه بتورطهم في الأعمال الإرهابية لأجل غير مسمى من دون توجيه تهم إليهم، وأتفهم أيضا المصاعب التي يواجهها مسؤولو وزارتي الدفاع والعدل في سعيهم لإغلاق سجن خليج غوانتانامو، لكن الحقيقة أن عدم محاكمة موكل جاكوبسن لا يعني بالضرورة أنه بريء.

* خدمة «واشنطن بوست»