إقليم طارق الهاشمي

TT

يمكننا القول إن قضية نائب رئيس الجمهورية، طارق الهاشمي، هي الملف الأكثر خطورة في المشهد السياسي العراقي في عام 2012، وهذا الملف لم يحسن البعض التعامل معه لدرجة أن تم تحويله لأزمة، ليست داخلية فقط، بل تعدى ذلك ليتحول إلى أزمة ما بين التحالفين الوطني والكردستاني، لتنتقل بعد ذلك ما بين بغداد والدوحة بدرجة كبيرة جدا، وقبل هذا وذاك كانت أزمة قوية بين بغداد وأنقرة، بداية العام الحالي.

ولكن أخطر ما يمكن أن يحصل أن تكون قضية الهاشمي هي الشعرة التي تقسم العراق لدويلات صغيرة، خاصة أن صحيفة «هوال» الكردية أكدت أن الهاشمي، قبيل سفره للدوحة، صرح للصحيفة بأنه يعمل من أجل تشكيل الإقليم السني الكبير، وأن القائمة العراقية ستحل إشكالاتها مع التحالف الكردستاني في المناطق المتنازع عليها.

وأضافت الصحيفة أن الهاشمي، عشية أعياد نوروز، أجرى في مقر إقامته، في مصيف صلاح الدين بأربيل، لقاء مع عدد من الصحافيين والشخصيات الثقافية، أكد فيه أن اتفاقات جرت بين قائمته وقائمة التحالف الكردستاني بخصوص الوضع في العراق، وأن القائمة العراقية أجرت اتصالات عربية واسعة مع أمراء وقادة عرب من أجل دعم مشروع تشكيل إقليم سني يضم محافظات تكريت والموصل والأنبار وديالى، وقال الهاشمي إن القائمة العراقية ستعمل على تسوية خلافاتها مع التحالف الكردستاني بشأن المناطق المتنازع عليها.

وإذا ما أردنا أن نحلل هذا الخبر، سنجد أن السيد الهاشمي يسعى لتجاوز أزمته القضائية - السياسية عبر تقسيم العراق، ويحاول الإيحاء للرأي العام العراقي بالتحديد بأن دولا عربية تقف مع مشروع تقسيم العراق وتدعم ذلك، والمواطن العراقي هنا لا ينتظر أن يعلن أسماء هذه الدول، لأن وسائل الإعلام كافة نقلت زياراته لدولة قطر والسعودية، وبالتالي فإن الهاشمي هنا يحاول جاهدا إقناع المواطن العراقي في المحافظات التي ذكرها، والتي سيتكون منها الإقليم السني الكبير، بأن الدوحة والرياض مع تقسيم العراق، وبالتأكيد فإن هذا غير وارد، خاصة من قبل المملكة العربية السعودية التي أكدت أكثر من مرة دعمها لوحدة العراق، وهذا ما يجعلنا نستنتج أن السيد الهاشمي والكثير من قادة القائمة العراقية التي ينتمي إليها يحاولون وضع إسفين أمام أي تقارب عراقي - سعودي رسمي مهما كان محدودا، لأنه سيسعى لتطوير العلاقات العراقية - السعودية وعودتها بالشكل الطبيعي، خاصة أن المملكة العربية السعودية حضرت قمة بغداد الأخيرة، وحضورها لقي ارتياح الشارع العراقي.

وهناك نقطة أخرى تثير حفيظة أبناء المحافظات التي ذكرها السيد الهاشمي، وهي تعامله معها على أنها كانتونات مغلقة للعرب السنة، وهو بالتالي فرغها من عنصر المواطنة من جهة، ومن جهة ثانية، وهي الأهم، تجاهل إرادة سكان هذه المحافظات ومجالسها المنتخبة من قبل الشعب، التي لا تضم من حركة تجديد التي يتزعمها السيد الهاشمي أي عضو فيها، وهنا يأتي السؤال الأبرز والمهم: ما الغاية من طرح إقليم سني الآن؟

الغاية الأولى تكمن في الهروب من الأزمة القضائية والسياسية معا ومحاولة إظهار السيد الهاشمي على أنه زعيم روحي للعرب السنة في العراق، وهذا خطأ كبير يرتكبه الرجل في ظل غياب النوازع الطائفية لدى الشعب العراقي.

الغاية الثانية تتمثل في أنه يسعى لبقاء علاقات متوترة بين العراق وجيرانه العرب، وخاصة المملكة العربية السعودية، عبر الإيحاء المباشر بدعم (أمراء وقادة عرب) لمشروعه للإقليم السني.

لهذا فإن المطلوب من القائمة العراقية، بزعامة إياد علاوي، أن تعلن موقفها الرسمي من هذه التصريحات بالنفي أو التأكيد، خاصة أن فيها تنازلات ممكن أن تقدمها القائمة، لا سيما ما يتعلق بالمادة 140 والمناطق المتنازع عليها وكركوك بالذات من جهة، ومن جهة ثانية موقفها من تقسيم العراق، وهل هي تسعى لذلك أم أن ما صرح به السيد الهاشمي زوبعة في فنجان، من أجل إيجاد تسوية سياسية لقضيته.