حقوق الإنسان والحماية الدولية

TT

على الرغم من المواقف الدولية المختلفة تجاه القضية السورية فإن الجميع يتفق على ضرورة توفير الحماية للشعب السوري الذي يتعرض لجرائم وحشية وانتهاكات خطيرة يرتكبها النظام في مجال حقوق الإنسان خلفت آلاف القتلى والجرحى في صفوف المدنيين وعكست طبيعة العلاقة بين الحكومة وبين الشعب وطريقة تعامل المؤسسات الأمنية مع المعارضين والمتظاهرين.

انتهاكات حقوق الإنسان اليوم لم تعد شأنا داخليا ولم يعد أحد قادرا على سحق الجموع وراء الأسوار العالية أو في سجون تحت الأرض، وسوريا ليست الوحيدة التي تخرق قوانين حقوق الإنسان حيث تعاني الكثير من الشعوب في العالم انتهاكات كثيرة في حقوق الإنسان على مختلف المستويات الأمر الذي يجعل الحاجة قائمة إلى إجراءات وقوانين يتم من خلالها تسييس وتدويل مبادئ حقوق الإنسان لتكون هذه القوانين سلاحا للضغط على الأنظمة وعلى الجهات التي تمارس هذه الانتهاكات ضد الإنسان في كل مكان.

وعندما نطالع معظم ما جاء في الدساتير التي كتبها الإنسان على مدى العصور نجد أن هذه الدساتير لا تخلو من نصوص ومواد حقوق الإنسان والحرص على حمايتها من قبل الدولة إلا أن تلك النصوص ليست أكثر من مواد دستورية كتبت لتزيين تلك الدساتير ولم تمنع الأنظمة من ارتكاب الكثير من الانتهاكات بحق الحريات والحقوق مما جعلنا نشهد في العقود الأخيرة نشاطا ملحوظا للمنظمات المطالبة بتطبيق مبادئ حقوق الإنسان وإيقاف التجاوزات التي يتعرض لها الإنسان على يد المتطرفين من السياسيين والقوميين والمتدينين في جميع بقاع الأرض.

وهناك حقيقة يجب أن نعترف بها وهي إن تطبيق تلك المواد والمبادئ يختلف من مجتمع إلى آخر ومن دولة إلى أخرى حسب المستوى الثقافي وحسب ظروف البلد السياسية والاجتماعية فتلك الانتهاكات تصل إلى ذروتها في الدول التي تعيش مجتمعاتها في ظل حكومات ديكتاتورية ومشكلات طائفية وسط وجود أفكار متطرفة تدعو للتصفية العرقية والطائفية. ولقد شهدت الكثير من دول العالم ضريبة هذه الحروب وقدمت آلاف الضحايا في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.

من أجل ذلك قام الكثير من المنظمات المدنية ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك باتجاه توفير حماية قانونية لحقوق الإنسان توفرها المظلة الدولية لتتمكن من حماية المواطنين في كافة دول العالم ولقد جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نتيجة لهذه الجهود في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) 1948 في 30 مادة عندما اقترحته بعض المنظمات والحكومات على الأمم المتحدة حيث اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة وأصدرته كأهم وثيقة دولية تهتم بحقوق الإنسان، ويعد هذا الإعلان حدثا تاريخيا ونقطة تحول في تاريخ البشرية، ولقد طلبت الجمعية العامة من جميع الدول الأعضاء أن تدعو لنص الإعلان وأن تعمل على نشره وتوزيعه وقراءته وشرحه، ولا سيما في المؤسسات التربوية في محاولة لتوعية القاعدة الشعبية بالمفاهيم التي جاء بها الإعلان لحماية الحقوق الفردية والجماعية لكي يدرك المواطن أن له حقوقا منتهكة ومغتصبة أهمها الحق في الحياة والحرية والأمان والحق في التعبير، وحق تقرير المصير، ولا بد له من المطالبة بها وأن هذا الإعلان كوثيقة دولية سيساعده في هذا الأمر من خلال تدويل وتسييس مبادئ حقوق الإنسان وجعلها وسيلة وسلاحا للضغط على الأنظمة التي تنتهك هذه الحقوق، وما يحدث في سوريا من تدويل للأزمة يدخل في هذا الإطار حيث تساهم المنظمات الدولية ووسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية في حملة لإيقاف الانتهاكات الخطيرة بعد أن اختار النظام الحل العسكري بدلا من الإصلاحات الحقيقية..