تركيا تستقبل بارزاني استقبال الزعماء

TT

يمثل اجتماع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أهمية كبرى بالنسبة لمستقبل المشكلة الكردية التي لا تتعلق بهاتين الدولتين فقط، ولكنها تشمل أيضا كلا من إيران وسوريا.

لقد عاد بارزاني لتوه من الولايات المتحدة بعدما أجرى مجموعة من المحادثات، التقي خلالها الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة خارجيته ووزير دفاعه. وقد استقبل أوباما بارزاني استقبال الرؤساء إلى حد بعيد، وهو ما يثبت أن أوباما لن يخذل الأكراد، وهو الأمر الذي كان يقلق الأكراد العراقيين الذين كانوا الفصيل العراقي الوحيد الذي تعاون مع الولايات المتحدة ضد صدام حسين عام 2003. وسوف تتم معاملة بارزاني كرئيس دولة في تركيا أيضا. وبالإضافة إلى اجتماعه مع أردوغان في إسطنبول، يخطط بارزاني للسفر إلى أنقرة في العشرين من أبريل (نيسان) لمقابلة الرئيس التركي عبد الله غل ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو. ومن الصعوبة بمكان أن تصدق أن الكثير من الساسة الأتراك كانوا قبل عدة سنوات يسخرون من بارزاني ويصفونه بأنه «رئيس قبيلة»، في حين أن نظراءه في أنقرة كانوا من الدبلوماسيين والعسكريين ومسؤولي الاستخبارات ذوي الرتب فوق المتوسطة.

ولكن الوقت قد تغير الآن، ولم يعد من الصعب تصديق أن بارزاني قد أصبح لاعبا مهما للغاية في الشؤون الإقليمية، بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق. ومن المحتمل أن تتم معالجة المشكلة الكردية بشكل جديد تماما خلال وقت قريب، بصورة شاملة بدلا من الأسلوب الحالي الذي يتعامل معها بصورة فردية حسب كل دولة.

وعلى الرغم من أن نائب الرئيس العراقي السني طارق الهاشمي، الذي لا يروق للرئيس الشيعي نوري المالكي، يقيم الآن في تركيا، فإن احتمال استضافة العراق للجولة القادمة من المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني قد يكون بمثابة محاولة أميركية لإذابة الجليد بين الطرفين في العراق. والسؤال الآن هو: هل تخفيف بغداد من اعتراضها على إبرام شركة «إكسون موبيل» عقودا مع الأكراد من أجل التنقيب عن النفط في الشمال قرب الحدود التركية، عقب زيارة بارزاني لواشنطن، هو من قبيل الصدفة؟ وربما يكون هذا هو السبب الذي جعل صلاح الدين ديميرتاش، وهو قيادي بحزب السلام والديمقراطية، يقول خلال لقاء له مع صحيفة «راديكال» اليومية يوم الأربعاء الماضي، إن تركيا والولايات المتحدة تسعيان لأن يكون بارزاني قائدا يمثل كل الأكراد، وهو الاقتراح الذي رفضه بارزاني نفسه. وربما يكون ذلك هو السبب الذي قد يدفع وفدا رفيع المستوى من حزب السلام والديمقراطية للسفر إلى الولايات المتحدة من أجل الدخول في مفاوضات مع المسؤولين، بمن في ذلك مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية، من أجل توضيح الوضع الخاص بالأكراد. وقد تكون هذه مهمة صعبة للغاية، حيث يواجه الحزب صعوبات كثيرة أدت إلى عزلته عن حزب العمال الكردستاني المحظور، والذي كان يشن هجمات مسلحة ضد تركيا خلال الثلاثة عقود الأخيرة. يذكر أن الحزبين يشتركان في نفس القاعدة الشعبية.

ولكي تكتمل الصورة يجب التذكير بأن المعسكرات العسكرية الرئيسية لحزب العمال الكردستاني توجد في المنطقة الكردية في العراق، حيث يشن الحزب هجمات بأسلوب الكر والفر داخل تركيا وإيران، ويجب التذكير أيضا بأن إيران تدخل في بعض المواجهات من آن لآخر مع الجناح المحلي لحزب العمال الكردستاني في إيران، والذي يسمى حزب الحياة الحرة الكردستاني.

وعلاوة على ذلك، يدعم حزب العمال الكردستاني في سوريا نظام بشار الأسد، على الرغم من معارضة الأكراد السوريين للنظام في دمشق. وربما نتجه الآن إلى مفترق طرق لإيجاد حل إقليمي للمشكلة الكردية.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية