هاجم أردوغان.. وسافر إلى إيران!

TT

العنوان أعلاه هو ملخص قصة رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي الذي يتهم تركيا بالعدائية وإذكاء الطائفية، بينما الحقائق تقول إن العراق الآن، وفي ظل حكومته الحالية، بات أحد مصادر إثارة الطائفية بالمنطقة، ونتيجة ذلك نجد أن المالكي نفسه اليوم بات بلا حلفاء في العراق نفسه، كما أنه بلا علاقات طبيعية مع محيطه العربي.

فعراقيا نجد أن المالكي على خلاف عميق مع السنة، فهو يريد سجن نائبه طارق الهاشمي، ومصطدم مع الأكراد، وكذلك مع الصدريين إيرانيي الهوى، وحتى مع الحكيم، والخلاف عميق مع الكتلة العراقية بقيادة الدكتور إياد علاوي، فما الذي تبقى إذن للسيد المالكي بعد كل ذلك؟ بل كيف يمكن لرئيس الوزراء العراقي أن يحكم ويدير دفة الأمور في بلاده وهو على خلاف مع كل القوى السياسية المؤثرة؟ أما عربيا وإقليميا، فليس لدى المالكي أي علاقات طبيعية مع دول المنطقة العربية المؤثرة أو الدول الإقليمية، باستثناء إيران، فالمالكي نفسه هاجم السعودية، وبلغة لا تليق بدبلوماسي وليس رئيس وزراء، والأمر نفسه فعله مع قطر، والآن مع تركيا! وهذا ليس كل شيء بالطبع، فالمالكي هو من قال: «لن يسقط الأسد.. ولماذا يسقط؟»، رغم كل ما يفعله طاغية دمشق البعثي بالشعب السوري، بل إن العراق هو من يقوم بخلق ممرات مساعدة لنظام الأسد حيث تنقل الأسلحة، والأموال، وتهريب البترول، فما الذي تبقى بعد كل ذلك؟ بل كيف يقول المالكي إن تركيا دولة عدائية، وتذكي الطائفية في العراق، بينما تشن طهران هجوما على السيد مسعود بارزاني، عشية زيارة المالكي لإيران، كما تتهم طهران الهاشمي بأنه يريد استعادة حكم السنة في العراق وبدعم من السعودية؟

لذا فإن الواضح اليوم هو أن المالكي لا يحاول أن يكون صدام حسين الجديد، بل إنه يأخذ دور الأسد في المنطقة، وهذا ما أشرنا إليه قبل أشهر كثيرة من أن العراق سيكون بديلا لسوريا. ومن هنا نجد أن المالكي هاجم رئيس الوزراء التركي وسافر فورا إلى إيران، حيث إن الثورة السورية شكلت ضربة حقيقية لسياسات طهران في المنطقة، وسقوط الأسد، أو حصاره الحالي من قبل الشعب السوري، يمثل هزة حقيقية للسياسة الخارجية الإيرانية، مما يجعل طهران تشرع بالبحث فورا عن بديل للأسد بالمنطقة، دولة وقيادة، على أن يساهم هذا البديل في تقديم الدعم للأسد من أجل الصمود لفترة أطول. وفي حال سقط الطاغية، فإن البديل، أي العراق، سيعمل لضمان عدم قطع خطوط الإمداد عن حلفاء إيران بالمنطقة، من حزب الله، والحوثيين، وغيرهم، وبالطبع محاصرة دول الخليج العربي، وتطويق سوريا ما بعد الأسد.

وتكمن أهمية العراق في أنه مختلف تماما عن سوريا، حيث لدى بغداد اكتفاء مالي، ومصادر متنوعة، والأهم من كل ذلك بالنسبة لإيران أن في العراق طائفيين مستعدين للعمل مع إيران حتى ولو على حساب شيعة العراق، ومن هنا يتضح أن التصعيد ضد السعودية وتركيا، تحديدا، والدفاع عن الأسد، معناه أن الحكومة العراقية تعيد تموضعها أكثر لتكون تابعة لطهران، بحثا عن الدعم الإيراني لها بالداخل والخارج، على حد سواء.

[email protected]