أولمبياد لندن 2012.. عندما تمتزج الرياضة بالأعمال التجارية

TT

شهدت للتو تدشين قارب «غلوريانا» الملكي في نهر التايمز استعدادا للاحتفالات بالعيد الستين لجلوس الملكة إليزابيث على العرش. هذه هي المرة الأولى التي يصنع فيها القارب الملكي في بريطانيا منذ 100 عام. وسوف يقود غلوريانا قوارب اليوبيل الماسي في التايمز، التي ستتألف من 1000 قارب صغير، كما سيستخدم لنقل الشعلة الأولمبية.

أنا أحب الحكايات النادرة، ومن ثم قبل أن أشرع في الحديث عن الأعمال التجارية التي ستصاحب دورة الألعاب الأولمبية سأشارككم حكاية سمعتها هذا الأسبوع، عندما حضرت مؤتمر صناديق لندن السنوي تحت رعاية مؤسسة «جيرسي» والذي أقيم في المتحف البريطاني، المكان الأمثل لعقد مثل هذا المؤتمر، نتيجة تقلب السوق والشكوك الاقتصادية والعبء التنظيمي، أسهم مؤتمر العام الحالي في حضور مجموعة استثنائية من خبراء الصناعة لاستكشاف هذه التغيرات والبحث عن الفرص المستقبلية.

كان مدير المؤتمر أنتوني هيلتون، المحرر الاقتصادي في صحيفة «ذا إيفننغ ستاندرد»، وهنا تبدأ القصة. بدأ هيلتون المؤتمر بقوله للمدعوين إنه بدأ مسيرته في «ذا سيتي» في عام 1968، وخلال تلك الفترة عاصر 5 فترات من الركود الاقتصادي و7 أزمات مصرفية، وفي أعقاب كل حادثة كان السياسيون والجهات التنظيمية يلجأون إلى استصدار تشريع «حتى لا تقع أزمة أخرى على الإطلاق».

كان مصيرهم بطبيعة الحال الفشل، وسيظلون على هذا الحال على الدوام، لأنهم يشرعون ما حدث، لكن ما يحدث في المستقبل وسيظل يحدث فعليا مختلف. ما أشار إليه هيلتون صراحة هو أن السر في تعافي الصناعة المالية يرجع إلى التكيف مع المناخ الاقتصادي القائم لا في تشريع جديد. وهناك دروس حقيقية في ذلك.

وقد قدم ديفيد سميث، المحرر الاقتصادي المعروف في صحيفة «ذا صنداي تايمز»، كلمة رئيسية جيدة وذكر الجمهور بأنه واحد من أوائل الاقتصاديين الذين أشاروا إلى أن الأزمة الحالية ستكون على شكل «V» لا على شكل «W». ومضى إلى القول بأن أزمة منطقة اليورو هي في الحقيقة 3 أزمات منفصلة لكنها متوازية هي: الأزمة المصرفية وأزمة الديون السيادية، وأزمة التنافسية والنمو، وأن تباين السندات الهائل الذي نشهده في الاقتصادات الأضعف ما كان ينبغي له أن يحدث لعملة واحدة، فهو يبدو كأن اليورو ليس موجودا. ما يظهره هذا هو أمر كنت أنادي به على مدى أكثر من 10 سنوات، من أننا بحاجة إلى اتحاد مالي إلى جانب اتحاد نقدي كي تنجح العملية. واستطرد إلى الإشارة بأن الاقتصاد العالمي لا يزال يتعافى لكنه يمضي عبر مسار تصحيح هادئ سينجح. وفي ختام كلمته أشار سميث إلى أنه يعتقد، كما هو الحال بالنسبة لي أيضا، أن الاقتصاد البريطاني قادر وسوف يتعافى من الضائقة المالية.

وكما نعلم جميعا، سيشهد الصيف الحالي اليوبيل الماسي لجلوس الملكة إليزابيث على العرش وبعده بقليل ستقام أولمبياد لندن 2012. وسوف تجذب بريطانيا خلال الصيف 3000 رائد أعمال عالمي خلال الأولمبياد وأولمبياد المعاقين.

وقد صرح رئيس الوزراء ديفيد كاميرون هذا الأسبوع: «لن يجلب الأولمبياد أفضل الرياضيين في العالم إلى لندن وفقط بل سيجلب الآلاف من محبي الرياضة إلى بلدنا، لكن الشركات العالمية الكبرى ستكون حاضرة أيضا. هذه المناسبة التي تتكرر في العمر مرة واحدة ستقدم للشركات البريطانية أكثر من مليار جنيه إسترليني. هذا البرنامج وهذه الأحداث ستضع بريطانيا على الواجهة وتتعامل مع التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، وفرصة لعرض الشركات البريطانية وتأمين تجارة جديدة واستثمار داخلي يقدم لاقتصادنا تعزيزا رئيسيا».

وقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني يوم الجمعة مبادرة وصفت بأنها «سفارة الأعمال البريطانية» التي ستستضيف الكثير من القمم في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول). وقد أكد رئيس الوزراء أن قادة الشركات البريطانية والدولية بما في ذلك كريستين لاغارد وإريك سكميدت ودانييل إيك وهاورد سترينغر والسير مارتن سوريل الذين سيشاركون في سفارة الأعمال البريطانية خلال الألعاب الأولمبية والألعاب الأولمبية للمعاقين سيحضرون إلى لندن. وستساعد بعثة الأعمال البريطانية، التي أنشأتها وزارة التجارة والاستثمار كجزء من حملة «جريت»، في عرض شراكات العمل العالمية إلى جانب أفضل ما يمكن للمملكة المتحدة أن تقدمه في بعض أكثر صناعاتنا نجاحا مثل الموضة والعمارة والتكنولوجيا وعلوم الحياة والهندسة المتقدمة والسيارات والفضاء.

يبدأ البرنامج بمؤتمر استثماري عالمي تتبعه سلسلة من اللقاءات في القطاعات المتخصصة التي ستقام في لانكستر هاوس، بالقرب من قصر باكنغهام، مركز هام للضيافة الحكومية، في الفترة من 26 يوليو إلى 9 سبتمبر 2012. وسيجمع كل لقاء بين قادة شركات دوليين ومقيمين في لندن من الدول المتقدمة والناشئة مع نطاق واسع من الشركات البريطانية بما في ذلك الشركات المتوسطة والشركات الكبيرة. وأضاف كاميرون: «لن يحضر الأولمبياد أفضل الرياضيين في العالم وآلاف من محبي الرياضة إلى البلاد وفقط، بل ستحضر الشركات العالمية أيضا».

وأوضح وزير الأعمال، فينس كابل: «ستقدم بعثة الشركات البريطانية فرصة بالغة الأهمية لإظهار السر في كون بريطانيا المكان الأمثل للاستثمار والقيام بالأعمال. هذا العدد الكبير من الشركات التي سجلت لحضور الحدث هي شهادة للموهبة المتنوعة التي نملكها هنا وأنا على يقين من أن كل الحضور سيجدونها تجربة مرضية». فيما قال وزير التجارة والاستثمار البريطاني، اللورد ستيفن غرين: إن «أولمبياد 2012 ستقدم فرصة رائعة لتحسين سمعة بريطانيا كشريك تجاري حيوي وذي خبرة. وهذه فرصة لإظهار عظمة بلادنا والخبرة العالمية في تنفيذ وتسليم أكثر الأحداث الرياضية شهرة للمشاهدين العالميين. وسوف يقوم رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير الثقافة والوزراء الآخرون باستضافة جلسات بعثة الأعمال البريطانية».

سيركز المؤتمر على قطاعات النمو العالمية المختلفة، أو الدولة أو الألعاب الرياضية المتعلقة بالحياة اليومية، حيث يشمل البرنامج عرض قمم في الإعلان ووسائل الإعلام والتصميم والهندسة المعمارية (30 يوليو) والفيلم والموضة والتلفزيون والألعاب والموسيقى (31 يوليو)، والتعليم (1 أغسطس) وعلوم الحياة والرعاية الصحية (2 أغسطس)، والتقنية والاتصالات والإنترنت (3 أغسطس)، والطاقة (6-7 أغسطس) والبنية التحتية (8 أغسطس)، والتجزئة والطعام والشراب (9 أغسطس)، والفضاء والسيارات والهندسة المتقدمة (10 أغسطس).

ولذا ستكون لندن مكانا مذهلا هذا الصيف سواء أكنت تتطلع إلى القيام بالأعمال أو مشاهدة الرياضة على القوارب الملكية الرائعة ـ أو ربما كل هذا معا. وقال اللورد كوي رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد لندن وأولمبياد المعاقين، والفائز بالميدالية الذهبية الأولمبية، يوم الأربعاء الماضي: «ستكون لندن كثيرة الازدحام لأن الشعوب في جميع أنحاء العالم سيشعرون بمتعة الألعاب الأولمبية».

وبحسب كوي فإن اللجان الأولمبية الوطنية على مستوى العالم تتحدث بشأن العروض والمتاحف والأندية التي سيزورونها. وأنا أتفق مع اللورد كوي في أن لندن مكتظة بالجمهور، وأن زائرها سيجد الترحيب في أي وقت، لكنه سيحظى بترحيب أكبر خلال دورة الألعاب الأولمبية الخاصة هذا الصيف أكثر من غيره.

* جون ديفي، أستاذ زائر بكلية إدارة الأعمال في جامعة لندن متروبوليتان رئيس مجموعة «ألترا كابيتال».