البدر اكتمل.. ماذا تنتظرون يا عرب؟

TT

منذ نحو عام، صرح رئيس مجلس النواب الأردني، فيصل الفايز، في مؤتمر صحافي أثناء جولة له في دول الخليج العربي، أن الهلال الإيراني في المنطقة بدأت إيران بترجمته إلى واقع حتى صار بدرا، ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم وهذه الحقيقة تتجسد على أرض الواقع يوما بعد يوم، حتى وصل الأمر إلى أن النظام الإيراني ترك قضاياه الداخلية والخارجية ومشكلاته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والعقوبات التي عليه من قبل أميركا ودول الاتحاد الأوروبي، وأصبح شغله الشاغل قضايا العرب وكأنه هو المسؤول عنهم، ومعطيات الواقع تؤكد لنا ذلك، فما من بؤرة من بؤر التوتر في العالم العربي إلا وتجد النظام الإيراني طرفا فيها، بدءا من لبنان حيث حزب الله المرتبط بإيران والذي ينفذ أجندتها، مرورا بسوريا، وبعدها العراق حيث حكومة المالكي التي تستمد توجيهاتها من إيران، ثم البحرين حيث حزب الله البحريني (الوفاق) الذي يقف وراء أعمال العنف والتخريب التي يقوم بها بإيعاز من إيران، وبعدها تدخل إيران في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية لدعم الموالين لها، وصولا إلى اليمن حيث تمرد الحوثيين الموالين لإيران.

والتدخل الإيراني في الشؤون العربية الداخلية يسير في اتجاهين؛ أولهما نشر المذهب (الشيعي) في بعض الدول العربية كوسيلة لإيجاد من ينفذ أجندته وليس للهدف ذاته، ويأتي ذلك من خلال دفع الأموال للموالين له في بعض الدول العربية لتحقيق هذا الهدف كما حدث ويحدث في مصر وجزر القمر وغيرهما، والاتجاه الثاني إثارة الفتنة الطائفية في الدول التي توجد فيها الطائفة الشيعية كما يحدث في العراق والبحرين وغيرها. ولذا، أصبح الخطر الإيراني يهدد الوجود العربي بأكمله.

والعتب كل العتب على قادة الدول العربية الذين اجتمعوا في قمة بغداد ولم يتطرقوا إلى هذا الموضوع الذي أصبح يهدد الأمن العربي، بسبب معارضة الائتلاف العراقي طرح الموضوع على جدول أعمال المؤتمر، وليت قمة بغداد حققت شيئا للعرب يذكر، ما عدا إعطاء الشرعية للنظام العراقي الذي أقصى كل الطوائف في العراق واستفردت طائفة واحدة بالحكم تتلقى أوامرها من إيران، وما لجوء نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي إلى أربيل وطلبه الحماية من الأكراد إلا دليل على عمق الأزمة السياسية التي تعيشها العراق، ولذلك فشلت قمة بغداد قبل أن تبدأ.

فها هو الجرح السوري ما زال ينزف، وفي مصر حيث الوضع السياسي المضطرب منذ قيام الثورة، وغيرها من قضايا العرب المشتعلة في مصر والسودان. ومن السخرية أن تعقد القمة في بغداد التي هي بحاجة إلى أن تصلح وضعها السياسي قبل أن تصلح وضع الآخرين.

إن إيران تعتقد أنها بهذه السياسة البراغماتية تستطيع أن تكون في موقف قوي بحيث تنفذ ما تشاء، وهو اعتقاد خاطئ بكل المقاييس، حيث انقلب السحر على الساحر، وذلك لما تمخض عن هذه السياسة من الآثار السلبية على إيران، ففي لبنان خف بريق حزب الله، الذي ظل يمارس الكذب على الشعوب العربية بأنه يدافع عن لبنان والمنطقة من الخطر الإسرائيلي، وكذلك الدول المجاورة لإيران، وبالذات دول الخليج العربي، أصبحت مدركة أكثر للخطر الإيراني، وكذلك تأزم الوضع السياسي الداخلي في العراق بحيث أصبحت حكومة المالكي في وضع لا يحسد عليه، فلقد تخلت الأحزاب والطوائف عن هذه الحكومة بسبب ارتباطها بإيران وزادت أعمال العنف، وعجزت الحكومة العراقية حتى الآن عن عقد الاجتماع الموسع المزمع عقده لحل الأزمة السياسية. أما في ما يتعلق بسوريا فأصبح الشعب السوري بأكمله أكثر كراهية وعداء للنظام الإيراني بسبب تدخله السافر في الشأن السوري وإرسال الإمدادات العسكرية لقمع ثورته، من أجل كل ذلك نسأل النظام الإيراني: ماذا استفاد من هذه السياسة؟

وأكثر من ذلك أنها لن تكون بمنأى عن كرة النار التي تشتعل بالأخص في سوريا والعراق، وأن المسألة هي مسألة وقت وسوف تجد إيران نفسها تكتوي بهذه النار، والأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت، وخاصة في موسم الانتخابات الإيرانية القادمة.

لذا، وجب على الدول العربية أن يدركوا هذا الخطر الإيراني الذي يهددهم ويعملوا على إيجاد استراتيجية للتعامل معه، وخاصة تلك الدول التي هي في مرمى هذا الخطر، ومن جانب آخر على جامعة الدول العربية أن يكون لها موقف من هذه التدخلات الإيرانية في الشأن العربي، لا أن تدفن رأسها كنعامة في الرمال.

إن الأمن العربي واحد لا يتجزأ، واتفاقية الدفاع المشترك بين الدول العربية تفرض على جامعة الدول العربية أن تسأل إيران عن تدخلها في قضايا العرب، لا بل احتلالها لجزر عربية وهي جزر أبو موسى وطنب الكبرى والصغرى التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فهل تصحو جامعة الدول العربية من نومها العميق؟