وسارعوا إلى مغفرة من ربكم

TT

بريطانيا العظمى هي حاضنة (الديمقراطية)، والمتشبثة بالتقاليد، والخارجة عن المألوف أحيانا.

تصوروا أن مدينة تدعى (هاي وايكومب) في إنجلترا تمارس عادة لها عدة قرون.

ففي بداية كل شهر مايو (أيار)، يجتمع في الساحة العامة حاكم المدينة وزوجته ومساعده وزوجته وسكرتير الحاكمية وأعضاء مجلس البلدية، حيث يوزنون، كل بدوره، ليعرف الناس إذا كان حكام المدينة قد (سمنوا) على حساب الشعب.

كانت هذه العادة السنوية قد ألغيت في القرن السابع عشر حين تسلم (كرومويل) وعصبة المتزمتين الحكم، غير أنها أعيدت في القرن التاسع عشر، وما زالت مستمرة حتى الآن، وعلى كثرة ترددي على إنجلترا تمنيت أن أذهب إلى تلك المدينة وأحضر تلك المناسبة في الوقت المحدد، غير أن الحظ لم يسعفني، وأتصور أن هذا التقليد ما هو إلا عادة حميدة لها دلالتها المعنوية والأخلاقية، ولا أدري هل هو من حسن الطالع أو سوئه أنها لا تطبق على حكام وموظفي المدن في البلاد العربية.

غير أن هناك جانبا آخر لوجه القمر البريطاني، وهذا الوجه رغم قتامته فإنهم يعدونه من الحرية الشخصية للفرد، حيث تجب حمايتها والمحافظة عليها، وإليكم آخر تصريح للرجل الأول في تلك البلاد، التي كانت لا تغرب عنها الشمس في يوم من الأيام:

هدد رئيس الوزراء البريطاني (ديفيد كاميرون) الدول التي تتلقى معونات بريطانية بإعادة دراسة هذه المساعدات إذا لم تسمح (بالشذوذ الجنسي) قائلا: إن المساعدات البريطانية يجب أن يتم ربطها بحقوق الإنسان، ومن بينها إلغاء الحظر الموجود في عدد من الدول على الشذوذ الجنسي، وذلك استجابة للتوصيات التي عرضها تقرير داخلي تم تقديمه في قمة الكومنولث في (بيرث) الأسترالية، معترفا بأن هذه التوصية لا يمكن تطبيقها بشكل فوري، قبل رحلة طويلة، انتهى.

عموما هذه وجهة نظر لا يستطيع إنسان عاقل أن (يحترمها)، غير أن ثقافة الإنسان الأوروبي في بعض الدول قد (شطحت) ووصلت إلى مستويات من الانفلات الأخلاقي بحيث إنها تستعصي على فهمنا، ناهيكم عن تقبلنا ومجاراتنا لها.

* * *

قال لي متهكما: بعض الناس يعيشون على كلماتهم، لأنهم يضطرون لأكلها أحيانا.

فرددت عليه: إذن كم أنا مصاب بالتخمة، وأيضا بعسر الهضم.

* * *

(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (سورة آل عمران: 133 و134).

[email protected]