كلام الريس

TT

انشغل العراقيون لحين من الزمن بموضوع العلم العراقي وعبارة «الله أكبر» الموجودة عليه. لهذه العبارة في الواقع تاريخ ظريف. أمر بها صدام حسين ليتملق للإسلاميين. سرعان ما أثارت كثيرا من التساؤل. فقد كتب لفظ الجلالة بالهمزة على الألف. استغرب الناس أن يقع بمثل هذا الخطأ الواضح أبناء العراق، بلد سيبويه ونفطويه. كيف وقعوا بمثل هذا الخطأ؟! لم يجرؤ أحد على المبادرة لتصليحه. ظلت هكذا حتى سقوط النظام.

ولكنني تذكرت ما جرى لسكة حديد لنينغراد - موسكو. فهذا الخط يمتد باستقامة تامة حتى إذا اقترب من موسكو انحرف جنوبا لعدة أميال دون أي مبرر جغرافي ثم يستقيم ثانية. تحير الناس في أمر هذه الانحرافة. ولكن بعد سقوط السوفيات، انكشف سرها. بني هذا الخط بأمر ستالين. استدعى مهندسي السكك وقال لهم أريد خطا مباشرا مستقيما من لنينغراد إلى موسكو. قالوا له هذا غير ممكن على أرض متعرجة. فقال لم لا؟ هاتوا الخريطة والمسطرة. فجاؤه بهما. فوضع المسطرة على الخريطة وأخرج قلمه ورسم خطا مستقيما بين المدينتين. ولكنه طبعا احتاج إلى تثبيت المسطرة بأصابعه على الخريطة بحيث خرج إبهامه عن المسطرة قليلا. فلما رسم الخط، انحرف قليلا عندما اصطدم بإبهامه فعمل قوسا حوله. ثم سلم ستالين الخريطة، وقال: نفذوا هذا الخط. فنفذوه بالضبط. وأصبح انحناء الخط حول إبهام ستالين هو الانحرافة الكبيرة التي يقوم بها القطار قبيل وصوله الى موسكو.

تذكرت هذه الحكاية عندما أثير موضوع الهمزة على ألف لفظ الجلالة. قلت لأصحابي، أعتقد أن ما حدث هو أن صدام حسين استدعى طارق عزيز وقال له: أريد أن تضيفوا هذه العبارة إلى العلم العراقي. ثم أخرج القلم وكتب عبارة «الله أكبر» على الورقة. وفي جهله المعروف، وضع همزة على الألف في لفظ الجلالة (الله). أعطاها لطارق عزيز وقال أضيفوها فورا. وبالطبع، ولما كان طارق عزيز نصرانيا فلم ينتبه إلى الخطأ، أو انتبه، ولكنه كخادم مطيع لم يجرؤ على تصحيح صدام حسين وإظهار جهله. فقام هو بدوره بتسليم الورقة للمصممين. وكما نتوقع أيضا، لم يجرؤ أي واحد منهم تحدي الرئيس المنتصر والكشف عن جهله بأنه لم يعرف حتى كيف يكتب اسم الله على ورقة، ناهيك بمخافة الله. فأضيفت عبارة «الله أكبر» على العلم بهذا الخطأ الفاضح. ألوف الخياطين والرسامين والخطاطين ظلوا يضيفون الهمزة، عارفين خطأهم فيها حق المعرفة، ولكنهم جميعا تحدوهم هذه الفكرة وهي أن الخطأ في كتابة لفظ الجلالة أهون وأسلم من إثارة غضب صدام حسين. وسرعان ما شاعت الغلطة من أقصى شمال العراق إلى جنوبه دون أن يجرؤ أحد على مد يده وحذف هذه الهمزة اللعينة. وأنت الآن يا سيدي القارئ يمكنك أن تعرف البعثي من غير البعثي في وضع الهمزة على ألف لفظ الجلالة. فالبعثي الأصيل لا يجرؤ على حذفها والتشكيك في ثقافة صدام حسين ومعرفته بالإسلام واللغة العربية وقواعد الخط العربي. أعوذ بالله أن يكون أبو عدي قد أخطأ في شيء.