خيارات الحل العراقي

TT

الشارع العراقي غير مهتم بحروب التصريحات النارية بين الشركاء في العملية السياسية، والشارع العراقي يعرف جيدا الغايات الحقيقية التي تقف وراء هذه التصريحات، البعض منها غايته الأساسية الظهور الإعلامي من جديد بعد أن غاب عدة أشهر بحكم أن أخبار العراق نفسه قد تراجعت عن شاشات الفضائيات بفضل الربيع العربي وثوراته، وتراجع معها ظهور كثير من السياسيين، سواء من الصف الأول أو الثاني في بلد باتت السياسة والتحليل السياسي مهنة رائجة، لدرجة أن نصف الشعب قادر على قراءة أفكار السياسيين العراقيين، بل ويعرف بماذا سيصرحون.

والسؤال هنا: لماذا الشارع العراقي غير مهتم؟ بالتأكيد يشعر الكثير من العراقيين بأن هذه التصريحات فيها نوازع شخصية أكثر مما هي بدوافع وطنية مخلصة، ولا نكتم أن الشارع العراقي على مختلف أطيافه وبنسبة عالية جدا يجد أن الهجوم على (حكومة الشراكة) والهجوم على رئيس الوزراء ليس له ما يبرره سوى محاولة بعض الأشخاص الظهور في وسائل الإعلام من جديد، وهي ذات التصريحات التي كانت موجودة قبيل تشكيل الحكومة في عام 2010 والتي كانت ترفض أن يتسلم المالكي رئاسة الحكومة، ولكن تبين أن الجميع تفاوض مع المالكي على المنصب الذي سيشغله. ويعرف الجميع أن الحكومة ليست من حزب واحد، بل هي حكومة شراكة وطنية تضم الجميع دون استثناء، بمن فيهم المشمولون باجتثاث البعث الذين حشدوا كل البلاغة في التهجم على شخص رئيس الوزراء، وأنا هنا لا أدافع عن رئيس الوزراء، ولكن أسأل كما يسأل الجميع: لماذا أنتم باقون في حكومة يقودها رجل يسعى للديكتاتورية؟ ومن سمح له أن يحقق هذا النفوذ الذي تتحدثون عنه؟ لماذا يشغل كل هذه المناصب التي فشلتم في التوافق عليها مثل وزارة الداخلية والدفاع؟

هذه أسئلة لا إجابة عليها من قبل شركاء العملية السياسية في العراق، جوابهم عبارات إنشاء تقليدية تشبه إلى حد كبير بيانات النصر التي كان يصوغها إعلام صدام في الماضي.

لا يمكن أن يقتنع المواطن العراقي بأن المالكي ديكتاتور بمجرد أن صرح بذلك بارزاني أو علاوي أو طارق الهاشمي وهم شركاء المالكي في الحكومة وأبرز الذين صوتوا له بقوة، ولا يمكن أن يقتنع العالم أيضا بهذه التصريحات لمجرد أنها صادرة من أشخاص بمكانة هؤلاء، بل الشعب العراقي يحتاج لأدلة قاطعة وليست بيانات وتصريحات مشوشة.

وهنا نسأل: ما هي الحلول؟ من وجهة نظر دولة القانون بزعامة المالكي تتمثل في تشكيل حكومة أغلبية سياسية دون المساس بمفهوم شراكة المكونات الأساسية في العراق في هذه الحكومة، وهذا يمكن تحقيقه بسهولة تامة في ظل تدافع الكثير من زعامات القائمة العراقية من أجل الحصول على مناصب.

أما الحل من وجهة نظر إياد علاوي زعيم القائمة العراقية فيتمثل في اللجوء لانتخابات مبكرة، وهو حل لن يخدم علاوي ولا القائمة العراقية في ظل تراجع شعبيتها في مناطق وسط وغرب العراق، لأنها فقدت الكثير من أعضائها من جهة، ومن جهة ثانية، وهو المهم، أن جمهور هذه القائمة بات الآن يبحث عن بدائل جديدة من خارج القائمة العراقية، وهذا ما برز في الآونة الأخيرة عبر تشكيل تحالفات جديدة في مناطق الموصل وصلاح الدين والأنبار.

ومع هذا الحل طرح علاوي ومعه البارزاني وبعض القوى الأخرى خيار عدم السماح للمالكي بالترشح لولاية ثالثة، وهم يعرفون جيدا أن هذا يحتاج إلى تعديل دستوري يقيد ولاية رئيس الوزراء بدورتين كما هو مع رئيس الجمهورية، وهذا التعديل لن يحصل، لأنه يحتاج إلى استفتاء شعبي لا ترفضه أغلبية 3 محافظات، ولا يمكن سن تشريع برلماني بذلك، وبالتالي صعوبة تحقيقه حتى عبر اتفاقيات تعقد بين القوى السياسية، لأنها ستكون غير ملزمة لأي طرف.