أصعب من القتل!

TT

في الأزمة السورية، أو بالأصح في الحرب الأهلية الدموية السورية، دخلنا في مرحلة اللامعقول على مستوى التصريحات الرسمية السياسية!

أول من أمس صرح السفير فيصل المقداد، نائب وزير الخارجية السوري، وهو دبلوماسي محنك، وذو خبرة دبلوماسية في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، لصحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية بكلام غريب وعجيب.

قال المقداد: «إن الغرب يتآمر على سوريا».

ثم أضاف أن الدول الغربية أمثال بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة يسعون إلى تدعيم وجود تنظيم القاعدة في سوريا!

هذا الكلام مخيف، وغير منطقي، ويعكس حالة من الإنكار الكامل لأساس المشكلة في سوريا.

متى كانت «القاعدة» حليفة للغرب؟

ألم تكن «القاعدة»، حسب تصريحاتها، هي التي ضربت الولايات المتحدة يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك، ووجهت لها أقصى ضربة موجعة على الأراضي الأميركية عقب ضربة الطيران الياباني في بيرل هاربر أثناء الحرب العالمية الثانية؟

ألم تكن «القاعدة» هي التي خطفت فرنسيين في اليمن، والتفاوض الآن على مبادلة مواطن بريطاني مقابل أبو قتادة؟

بالله عليكم، هل وصل بنا الأمر إلى الاستخفاف بعقول الناس إلى هذا الحد؟

وإذا كان هذا الكلام يصلح للاستهلاك المحلي في الصحف الرسمية السورية أو الفضائية الرسمية السورية، فهل هو يناسب عقلية قراء جريدة مثل «الديلي تلغراف» البريطانية؟

الخطاب السياسي الرسمي السوري دخل في نفق مظلم منذ وساطة المبعوث الدولي كوفي أنان، وأصبح الوضع على الأرض منكشفا أمام الجميع، ولا يمكن مداواته أو التغطية عليه بتصريحات مثل الحديث الدائم عن المؤامرة الدولية ضد «سوريا العروبة» و«سوريا الممانعة».

هناك دبابات وصواريخ أرض - أرض ومدفعية ميدان يستخدمها النظام ضد مواطنيه، وحصيلة الشهداء والمصابين في ازدياد يومي، وصور الجثث والضحايا وعمليات الإبادة والتدمير تذاع على الهواء بواسطة الإنترنت ومحطات التلفزيون العالمية.

إذا بقي أي من العقلاء في مراكز صناعة القرار في دمشق فإن عليهم أن يبحثوا فورا في نوعية الخطاب السياسي الذي يقدمونه للعالم.

«باختصار.... القتل جريمة وتصريحاتهم جريمة أكبر!».