مقارنة متناقضة

TT

اعترض السيد شاكر الكركري على ما كتبته عن البحرين واعتبرني أستعمل مقياسا مزدوجا. أقف مع المعارضة في سوريا وأعارض المعارضة في البحرين. يا سيدي، إنك تقارن بين شيئين مختلفين. بشار الأسد يقتل كل يوم مائة مواطن أو أكثر. تجاوزت ضحاياه العشرة آلاف قتيل حسب ما تقوله المصادر الغربية المحايدة. والأمن البحريني لم يصوب مدافعه الثقيلة على الأحياء الشيعية. الجيش السوري دمر بأسلحته الثقيلة مدنا تاريخية كاملة.

من الناحية السياسية، المعارضة السورية ترمي إلى استئصال النفوذ الإيراني من سوريا. المعارضة البحرينية ترمي إلى إلقاء البحرين في أحضان إيران.

من الناحية الاقتصادية، تعتمد البحرين حاليا على دعم ثروة المنطقة العربية والعالم الغربي. المعارضة البحرينية تؤدي لقطع هذا الدعم والاعتماد على دعم دولة مفلسة.

من ناحية الشرع، الحكم في البحرين حكم ملكي صريح يعتمد على الوراثة حسب الشرع الإسلامي والعرف الدولي. الحكم في سوريا حكم جمهوري زائف، ورث فيه الحاكم الحكم من أبيه الذي اغتصب الحكم بانقلاب عسكري وحكم شعبه بالحديد والنار.

ويا سيدي الكركري، إنني لا أعارض المعارضة البحرينية في مطالبها. لها مطالب شرعية من دون شك. ولكنني أؤمن بالتطور الإصلاحي التدريجي، المنهج البورقيبي لقاعدة «خذ وطالب». هذا شيء رددته مرارا. لقد عانينا ما يكفي من الثورات والانقلابات والإرهاب. وأذكّر إخواننا في البحرين بالمثل الإنجليزي، لا تقلبوا عربة التفاح. خذوا وكلوا تفاحها واحدة واحدة.

فضلا عن ذلك، إنني لا أقف حيال إيران موقفا شوفينيا أو قوميا أو طائفيا. إيران دولة حضارية وأهلا بها في حضارتها. ولكنها الآن أصبحت تمثل قوى الظلام والقرون الوسطى وتسعى لبناء إمبراطورية بالعنف والكيد واستغلال الدين. حيثما نشرت ظلها اليوم جاءت بملاليها من قم رسلا للتخلف. هذا هو اعتراضي عليها كرجل علماني متطور يؤمن بالحضارة المعاصرة وقيمها. لقد قرأنا الكثير عمن سعوا للتوسع الإمبراطوري بتبني راية التطور والتحديث كما فعل نابليون ويوليوس قيصر والخلفاء، بيد أن أحمدي نجاد يسعى للتوسع بتبني راية التخلف والتأخير.

ومواصلة لنفس الموضوع، عزا السيد عبد الإله السعدون، ما يجري في البحرين إلى التدخل الإيراني في شؤونها سعيا لتنفيذ مخططاتها التوسعية في عموم المنطقة العربية. هذه يا سيدي مشكلة قد تؤدي إلى نشوب حرب عالمية في الشرق الأوسط. فالغرب لا يسمح بوقوع كل مصادر الطاقة في يد دولة واحدة في الشرق الأوسط. وحالما ستشعر القوى الغربية بجدية الخطر، فستهاجم إيران بمساعدة إسرائيل، وتحرك إيران أعوانها للرد على إسرائيل، وتشب نيران الحرب في عموم المنطقة وربما تستمر لسنوات.

لا بد لي أن أحذر بعض القراء الكرام الذين يبعثون لي بإيميلات على عنواني الخاص. إنني لا أفتح أي إيميل يأتي من شخص لا أعرفه، خوفا من الفيروس، فأرجو ألا يضيعوا وقتهم بذلك. يستطيعون التواصل معي إما عبر هذه الصحيفة أو عبر مدونتي alqishtainy.blogspot.com.