المدنية أصعب من العسكرية!

TT

يقسم المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي يدير شؤون البلاد، ليل نهار، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي إنه سوف يسلم السلطة لرئيس مدني منتخب قبل يوم 30 يونيو (حزيران) المقبل، وإنه سوف يعود إلى ثكناته العسكرية عقب هذا التاريخ.

ومما لا شك فيه أن الفترة الانتقالية منذ قيام ثورة يناير 2011 «أضرت» بالمكانة التاريخية لجيش مصر الذي لعب دورا رئيسيا في الحياة العامة للبلاد منذ «مينا» موحد القطرين في عهد الفراعنة حتى يومنا هذا.

وكلما حدثت أزمة بدءا من فتنة طائفية، إلى النقصان في أنابيب الغاز، وصولا إلى اضطراب في الوضع الأمني في قرية نائية، يتم الهتاف الشهير «يسقط.. يسقط حكم العسكر»، مما جعل المؤسسة العسكرية المصرية تعاني من ضغط نفسي هائل يفرض نفسه عليها من أصغر مجند حديث إلى المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة.

هذا الضغط دعا الفريق سامي عنان رئيس الأركان أن يعلن في اجتماع يوم الأربعاء الماضي مع قادة الأحزاب السياسية، أنه في حالة حسم معركة الرئاسة من الجولة الأولى في يوم 25 مايو (أيار) الحالي دون الحاجة إلى إعادة فإن المجلس الأعلى على استعداد لتسليم السلطة قبيل الموعد النهائي بشهر.

إذن نحن نتحدث عن احتمالين؛ إما أن يتم تسليم السلطة بعد 3 أسابيع من اليوم أو بعد 7 أسابيع على أقصى تقدير، ورغم ذلك فإن حالة التشكيك في مدى جدية التزام الجيش المصري ما زالت مستمرة.

ويبدو أن وجود المتظاهرين في منطقة العباسية على بعد أمتار معدودة من مبنى وزارة الدفاع، هو نوع من خلق وضع تفجيري يمكن أن يعطل مبدأ الانتخابات الرئاسية في حد ذاته.

مصلحة الأغلبية في مصر، أن يقوم المجلس الأعلى بتسليم السلطة في أسرع وقت.

والمجلس الأعلى للقوات المسلحة يحلم بتلك الليلة التي يأوي فيها قادته إلى فراشهم دون أن تكون لديهم كوابيس مسؤولية البلاد في ظل الحياة المدنية.

وقد قال أحد هؤلاء القادة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة: لقد خضت «6 حروب صعبة وشرسة طوال حياتي العسكرية التي تعدت الـ45 عاما من الخدمة وأستطيع أن أؤكد أن الـ18 شهرا التي عشتها في المسؤولية المدنية لحكم مصر كانت أصعب من خدمتي كلها!».