لبنان: ضغوط فوق القدرة!

TT

في أسبوع واحد، وفي آن واحد، هناك تحركان داخل الساحة اللبنانية؛ الأول أميركي، والثاني إيراني، كل منهما يهدف إلى مواجهة ومصادمة مصالح الآخر.

منذ أيام معدودات بدأ جيفري فيلتمان نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية زيارته للبنان، والتقى برؤساء الفعاليات السياسية، بدءا من القيادات المسيحية إلى قيادات 14 آذار حتى الرئيس ميشال سليمان.

وفي ذات الوقت، قام النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي بزيارة بيروت، ملتقيا قيادات حزب الله وحركة أمل ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان حتى الرئيس ميشال سليمان.

بعد اللقاءات قال فيلتمان: «ضرورة تدعيم نهج الحريات والديمقراطية والتضامن الداخلي في لبنان لمواجهة أحداث المنطقة»، داعيا إلى «ضرورة أن يكون موقف لبنان من الأحداث في سوريا واضحا ومتعاطفا مع القوى التي تطالب بالحرية والسيادة».

أما النائب الأول للرئيس الإيراني فقد دعا إلى «تقوية حكومة الرئيس ميقاتي»، وأكد على النموذج المميز للديمقراطية في لبنان مطالبا بأن «تقتدي بقية الدول به»!! وأضاف رحيمي «أنه يعارض التدخلات الخارجية في سوريا»، وطالب بضرورة «إتاحة الفرصة أمام الرئيس السوري كي يتوصل إلى الحل السياسي المناسب».

تحرك أميركي وتحرك إيراني مضاد على أرض لبنان والهدف هو تهيئة الوضع في لبنان للتعامل مع الملف السوري.

التحرك الأميركي يريد تجهيز لبنان للضغط بكل الأشكال على الوضع السوري المتأزم للإسراع بانهيار النظام، بينما التحرك الإيراني يريد تقوية حكومة ميقاتي وحلفائها لدعم النظام السوري من أجل الحفاظ عليه وإيقاف سرعة انهياره.

لعبة صريحة وواضحة ومكشوفة، لاستغلال الساحة اللبنانية لإدارة صراع أو حرب بالوكالة ضد الغير بواسطة الغير.

وكأنه قدر لبنان المحتوم أن يصبح «الدولة الأداة» لإدارة صراعات وتسوية خلافات دولية وإقليمية على أرضه.

وفي يقيني أن الضغوط على لبنان للعب دور ما في الملف السوري سوف تزداد تدريجيا بالتوازي مع ارتفاع سخونة الحرب الأهلية في سوريا واقتراب ساعة انهيار النظام.

وما بين ضغط أميركي لدور لبناني مساعد لإسقاط النظام السوري، وضغط إيراني مضاد لدور لبناني داعم لنظام الأسد، تبدو خارطة الانقسامات الداخلية اللبنانية معرضة لمخاطر شبيهة بزمن الحرب الأهلية التي استمرت 17 عاما.

السؤال: كيف سيحافظ لبنان على تماسكه في ظل هذه الضغوط الهائلة، وهو على بعد عدة أمتار من أتون الحرب الأهلية السورية؟!