لماذا الانتظار في أفغانستان؟

TT

هل يدرك أي منا حقا ماهية السياسة الأميركية في أفغانستان؟ وهل لدى أي منا تصور إلى متى ينبغي أن نلتزم ببقائنا في أفغانستان ونعيد جنودنا إلى الوطن في الوقت ذاته؟

أنا في حيرة من أمري، حتى بعد رحلة الرئيس أوباما إلى منطقة الحرب. وقد أثار خطابه التلفزيوني من قاعدة باغرام الجوية تساؤلات أكثر مما قدم من إجابات. ودعونا نبدأ بالسؤال الأبرز: لماذا؟

بحسب أوباما، «شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها الحرب للتأكد من أن (القاعدة) لن تتمكن مرة أخرى من استخدام هذه البلاد لشن هجمات ضدنا»، وأنا أؤكد أن الولايات المتحدة والناتو قامت بكل ما هو ممكن من الناحية الإنسانية تجاه هذا الهدف، فأسقطت حكومة طالبان وشتت صفوفها، ثم طردت «القاعدة» من أفغانستان، وقُتل بعد ذلك ما بين 20 إلى 30 من قادتهم، بحسب الرئيس. وتم تعقب أسامة بن لادن إلى مخبئه في باكستان وقُتل ودُفن في البحر. والتهديد الذي تمثله «القاعدة» في الوقت الراهن يأتي من الجماعات المرتبطة بها في أماكن مثل اليمن ومن انتشار الفكر الجهادي السام. وقد دمرت معسكرات تدريب «القاعدة» السابقة في أفغانستان وأصبح وجود المنظمة في أفغانستان محدودا. هذا يبدو أشبه بانتصار بالنسبة لي، بيد أن 94 جنديا أميركيا قضوا نحبهم منذ بداية عام 2012 حتى الوقت الراهن، وسوف تظل القوات الأميركية في حالة قتال حتى نهاية عام 2014، ونحن ملتزمون بهذا المستوى من التدخل الاستثنائي والباهظ التكلفة حتى عام 2024؟ لماذا؟

من بين القتلى الأميركيين الذين سقطوا نتيجة نيران معادية - على خلاف الحوادث والأمراض أو الانتحار - واحد على الأقل من بين سبعة، قُتِل بنيران صديقة ظاهريا من القوات الأفغانية، لا على يد طالبان. وقد أوضح تقرير قام به عالم النفس السلوك السياسي والعسكري، جيفري بوردين، الذي موله البنتاغون العام الماضي والذي أحيط بالسرية، أن «التوجه المتنامي لقتل شركاء العمل يعكس، عبر الهجمات التي يقوم بها الجنود والشرطة الأفغانية ضد القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها، عدم فاعلية جهودنا في استقرار الوضع، وإقامة حكومة فاعلة وشرعية في أفغانستان وإقامة حكومة شرعية وفاعلة ومحاربة التمرد والحصول على الولاء والاحترام وصداقة الأفغان».

لقد زادت سياسات الغارات الليلية التي يسقط فيها مدنيون، وحوادث، مثل إحراق المصحف من جانب حلفاء لنا، من حالة الامتعاض في بلد يكره المحتل الأجنبي.

ويشير التقرير إلى أن حوادث القتل بنيران صديقة ليست مجرد حوادث فردية، لكنها «نمط متصل» يؤدي إلى «أزمة ثقة» بين القوات المتحالفة والقوات الأفغانية. وتوقع التقرير أنه ما لم يجرِ «إصلاح الأنظمة الحكومية الفاشلة، ناهيك عن القادة الرئيسيين، فلن تؤتي أي جهود لإقامة جيش أفغاني وقوة شرطة جديرة بالثقة والشرعية ثمارها».

جدير بالذكر أن قادة الولايات المتحدة في أفغانستان عارضوا هذا الرأي بقوة. فقد عبروا عن ثقتهم في أن الجيش الأفغاني سيصبح أكثر كفاءة وحرفية قتالية. لكنهم اعترفوا بأن العملية تتطلب وقتا والتزاما متواصلا بالقوات والتمويل.

بيد أنه كما يعلم أوباما، تشير استطلاعات الرأي إلى قلق الأميركيين تجاه هذه الحرب. فقد قال للأمة ليلة الثلاثاء: إن 23000 من قواتنا سيعودون إلى الوطن هذا الصيف، وإن هذا سيخفض عدد قواتنا إلى 65000 جندي - لا يزال أعلى من العدد التي كانت عليه القوات مع بداية تولي أوباما منصبه في عام 2009. وأشار أوباما إلى أنه بنهاية 2014: «سيكون الأفغان مسؤولين بشكل كامل عن الأمن في البلاد»، لكن كم من الأميركيين سيظلون هناك؟ ومرة أخرى، لماذا؟

وأوضح أوباما أننا في هذه المرحلة سنترك عددا كافيا من القوات لدعم الحكومة الأفغانية في محاربة الإرهاب، وتقديم التدريب المتواصل للقوات الأفغانية. بيد أننا في الوقت الحاضر نقف في وسط حملة لمكافحة التمرد من ذلك النوع الذي يتطلب عقودا، في أحسن الأحوال، كي تنجح. وإذا ما كنا سنتحول إلى مكافحة الإرهاب في عامين، فلماذا لا نقوم بهذا التحول الآن؟

سؤال آخر: لمّح أوباما إلى أننا سنقيم قواعد دائمة في أفغانستان. لكن الاتفاق الذي وقعه مع الرئيس حميد كرزاي يعطي الولايات المتحدة حق الاستخدام المتواصل للقواعد التي بنيناها وننوي نقلها اسميا إلى السيطرة الأفغانية.. فما الفارق؟

لقد وافقت الحكومة الأميركية على دعم التطور الاجتماعي والاقتصادي والمؤسسات الأمنية الأفغانية حتى عام 2024، فهل يبدو ذلك بناء أمة بالنسبة لك؟ لأن هذا ما يبدو بالنسبة لي. «الليلة، أريد أن أخبركم كيف سننهي مهمتنا وننهي الحرب في أفغانستان». هذا ما قاله أوباما يوم الثلاثاء، وها نحن مازلنا ننتظر.

* خدمة «واشنطن بوست»