إيران في المنطقة مثلها مثل «القاعدة»!

TT

لا تنشط «القاعدة» إلا في المناطق الانفصالية، أو التي تطغى عليها النزاعات القبلية، كما أنها تزدهر أينما وجدت أجواء طائفية. والأمر نفسه ينطبق على السياسة الإيرانية بمنطقتنا؛ فطهران تدعم الأسد البعثي، العلماني، العلوي، مثلما تدعم «القاعدة» السنية المتطرفة المتعايشة مع الحوثيين باليمن!

فبالأمس نشرت «الشرق الأوسط» تحقيقا مذهلا بالاتفاق مع صحيفة «الغارديان» البريطانية، يكشف عن التحرك الإيراني المحموم لدعم الانفصاليين الجنوبيين باليمن، وهو تحقيق يشير بوضوح إلى خطورة ما تفعله إيران بمنطقتنا، سواء اليمن، أو العراق، أو البحرين، أو لبنان، أو سوريا، أو غزة، حيث توزيع الأموال، والسلاح، وإنشاء وسائل إعلام مسمومة سواء مرئية، أو ورقية، وعلى الإنترنت، هدفها تمكين إيران من اختراق دولنا، بما فيها مصر والمغرب العربي. فتحقيق «الغارديان» يسلط الضوء على الطريقة التي يعمل بها الإيرانيون، وهي طريقة مشابهة لعمل «القاعدة»، حيث نجد أن طهران تنشط في المناطق الانفصالية، والطائفية، وحتى بين من انطلت عليهم حيلها، تارة باسم الممانعة، التي بات معلوما للقاصي والداني أنها مجرد كذبة، وتارة أخرى باسم الثورات، بل ها هو مسؤول كبير بالحرس الثوري الإيراني يحتج على مسمى الربيع العربي مطالبا بتسميته بالصحوة الإسلامية، ولا نعلم هل ينطبق هذا على سوريا، والبحرين أيضا!.. وإذا كان كذلك فلماذا تقف إيران مع الأسد ضد السوريين، ولماذا تدعي المعارضة الشيعية البحرينية المدعومة من إيران الديمقراطية؟ أمر محير فعلا!

ومن هنا فإن أهمية تحقيق «الغارديان» الذي نشرته صحيفتنا تكمن في أنه يظهر بوضوح علاقة إيران بالحوثيين، وسعيها لاختراق الجنوبيين باليمن، خصوصا أن إيران تشترط أن يكون تسليح الجنوبيين من خلال الحوثيين!.. كما أن أهمية هذا التقرير تتضح من خلال معرفة أن الخمسة عشر يمنيا الذين سافروا لطهران قد تم التعامل معهم منذ وصولهم وكأنهم معتقلون، وهذا ما تم مع أفراد «القاعدة» الموجودين بإيران ومنهم أبناء بن لادن، وقد ذكر أحد المصادر اليمنية التي سافرت إلى طهران أن أسماء كل المسؤولين الإيرانيين الذين قابلوهم كانت مستعارة! كما كشفت الصحيفة أن الإيرانيين قد أخبروا الجنوبيين بأن طهران تود الاستثمار في مشاريع البنية التحتية في الجنوب، من بناء مستشفى ودفع رواتب للنشطاء.. و«الأهم من ذلك هو قولهم إنهم سيمدوننا بالأسلحة والتدريب».

وهذا ما تفعله إيران بالطبع بمنطقتنا من العراق للبنان، وسوريا، وهذا ما كانت تفعله «القاعدة» سابقا بأفغانستان، واليوم في اليمن، حيث تمد بعض المناطق اليمنية بالماء والكهرباء مجانا، حتى بتنا لا نرى فرقا بين أسلوب «القاعدة» وإيران! ولتتضح الصورة أكثر فيكفي تأمل الآتي.. فبينما يكتشف العالم أن الأمن السعودي هو من أحبط العملية الإرهابية لـ«القاعدة» والتي كانت تستهدف طائرة مدنية، ومن اليمن، نكتشف اليوم أن إيران تحاول تسليح وتدريب الجنوبيين هناك، مثلما تفعل مع الحوثيين والصدريين، وحزب الله، والأسد.. فهل يمكن القول إن هناك فرقا بين «القاعدة» وإيران؟ بالطبع لا!

ولذا فإن خطر إيران بمنطقتنا لا يقل عن «القاعدة»، وكلتاهما تتحرك بنفس الأسلوب، وبشكل مفضوح.

[email protected]