نجاد: خلل في الإدراك!

TT

أشفق تماما على الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وفي يقيني أن الرجل بحاجة إلى رؤية طبيب متخصص في أزمة «خلل الإدراك».

وتقوم أزمة الخلل في الإدراك على أن يبني الإنسان في مخيلته الشخصية واقعا افتراضيا غير مطابق للواقع ويقوم بالتصرف في شؤون الدنيا على الأساس الافتراضي الذي قد يكون له علاقة بواقع الأشياء. وتزداد الأزمة وتصبح بالفعل خطيرة إذا كان من يعاني هذا الخلل زعيما لدولة مثل إيران، لديها قوة الموقع، وثروة الطاقة النفطية وإمكانيات توليد الطاقة النووية!

بالأمس، أتحفنا أحمدي نجاد بأن «دولة إسرائيل مثل البعوضة» وأن بلاده قادرة على ردعها في ثوان معدودات!

وبالأمس أيضا وفي تصريح آخر: «إن الجزر (الإماراتية) الثلاث مملوكة وتابعة لإيران مثلها مثل طهران». وقبل شهر، أكد أحمدي نجاد أن بلاده قادرة على قهر أي حصار اقتصادي دولي مفروض عليها وأن هذا الحصار «المزعوم» لا أثر له!

نبدأ بتحليل مقولات الرجل: بالنسبة إلى إسرائيل مثل «البعوضة»، فإن الرجل يتجاهل أنها القوة العسكرية الرابعة في العالم، والقوة العسكرية الأولى في منطقة الشرق الأوسط، ورغم قلة عدد سكانها، فإنها من أكثر القوى القادرة على نطاق التعبئة للجنود من سن الـ18 إلى سن الـ50 في المنطقة!

ويتجاهل أحمدي نجاد أن إسرائيل هي ثاني مستثمر أجنبي في «وول ستريت»، وهي صاحبة أعلى شركات مدرجة في سوق المال الأميركي، وهي أيضا من كبار بائعي الإلكترونيات والسلاح لدول العالم بما فيهم الصين الشيوعية والهند، وتركيا!

وهذه «البعوضة» من أكثر دول العالم التي تنفق نسبة من موازنتها على التطوير والبحث العلمي. أما التعامل مع الجزر الثلاث ومضيق هرمز على أنها أراض إيرانية، فهو لعب بالنار!

مضيق هرمز مضيق عالمي يؤثر على مسارات نقل البترول والتجارة من الخليج وبالعكس، وأي تهديد له يحقق على الفور ارتفاعا أسطوريا في أسعار الطاقة ومخاطر للصناعة في العالم، ومخاطر للأمن في العالم.

أما تهديد الإمارات، فهو أمر غير مقبول عالميا لن يقف أمامه العالم مشاهدا، وسوف تتوحد ضده كل دول الخليج والعالم العربي، وسوف يستفز دول أوروبا صاحبة المصلحة، وعلى رأسها فرنسا التي تمتلك قاعدة عسكرية في الإمارات واتفاقا دفاعيا بين البلدين. هذه التصريحات التفجيرية للأوضاع لمصلحة من؟ أم أن القراءة الخاطئة للأزمة الاقتصادية العالمية أعطت الانطباع لأحمدي نجاد أن العالم غير قادر على التحرك الآن ضده؟ الأمر الذي لم يقرأه نجاد جيدا في التاريخ أن الحروب كثيرا ما تقوم لحل أزمات اقتصادية!!