ازدهار كردستان الأمني يتقدم على السياسي

TT

ما يجري من تطورات اقتصادية واجتماعية، وسياسية، وعلى مختلف الصعد في إقليم كردستان، استحق الإشادة من قبل المراقبين والمتابعين ووسائل الإعلام العراقية والأجنبية، ولكن في حقيقة الأمر، إن ما يحدث من متغيرات وتحولات ملحوظة في البنى التحتية وتنامي الاستثمارات الأجنبية في الإقليم، لا يتناسب مع إمكانيات الإقليم وموارده البشرية، ولا يعكس طموحات المواطن في الإقليم، ولكن ظروف العراق وتفاقم الأزمات الأمنية والسياسية في جميع مرافق الدولة، ولا سيما المالي منها، جعلها تبدو بصورة تتجاوز حقيقة ما هي عليه، فعلى سبيل المثال، تسلمت الحكومة العراقية في السنوات الخمس الماضية نحو 500 مليار دولار ولم يكن لهذا المبلغ الفلكي أي أثر على الواقع الخدمي والسكني والكهرباء.. وغيرها!! وانتقلت الحكومة من فشل إلى آخر، هذا الحال جعل الوضع في كردستان يبدو أكثر لمعانا وبريقا مما هو عليه حقيقة، فالمقارنة إذن هي غير عادلة هنا مع ما تقدمه حكومة المركز، إذ تظهر حكومة الإقليم بغير حجمها الحقيقي، فتتعملق على حساب إخفاقات المركز الكارثية!

ففي أكثر من مناسبة أشار رئيس الإقليم مسعود بارزاني وهو يحث الحكومات المتعاقبة على ضرورة تجاوز السلبيات والنواقص وتقديم الخدمات والارتقاء بالمواطنين إلى أعلى مراتب العيش الكريم، وألا يشعر أحد بالغبن في التعيين أو أي نوع من أنواع التمايز، وأن تتحمل الحكومة مسؤوليتها التاريخية، مما يعني ضمنا أن هناك خللا مشخصا من قبل رئيس الإقليم، وما يحدث من تطور في الأداء ما زال دون مستوى الطموح، والمتابع لتشكيل الحكومة الجديدة سيجد أن وتيرة النمو ستبقى على حالها إذ لم يطرأ تغير كبير على تشكيلة الحكومة، حيث بقي 14 وزيرا محتفظا بمقعده الوزاري، وهناك 6 وزراء جدد بعضهم كان ضمن البرلمان السابق. السمة الغالبة في المفاضلة هي الثقل الحزبي أو العشائري أي ليس عن طريق الكفاءة، مما يعني أن الحكومة سوف لا تعمل بكامل طاقتها.

لذلك إذا أردنا تفسيرا حقيقيا للمتحقق من تطور للبنى التحتية وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية ووجود مئات الشركات من الجنسيات المختلفة تعود نسبة كبيرة منه إلى دور القوى الأمنية في كردستان العراق، ولا سيما وكالة حماية أمن إقليم كردستان، وليس إلى دور الحكومة، إذ إن الوضع الأمني والاستقرار شجع المستثمر الأجنبي على الاستثمار في الإقليم، كذلك جعل المستثمر المحلي - بدلا من الاستثمار في الخارج - يسحب أمواله للداخل، مما ساعد على خلق عشرات الآلاف من فرص العمل وشجع على زيادة فرص التبادل التجاري، ورفع من أسهم وحظوظ الإقليم في المشهد السياسي الإقليمي والعالمي.

وما نتمناه أن تعمل الحكومة الجديدة بنفس روحية وكالة حماية أمن إقليم كردستان في تنمية البنية التحتية الزراعية والصناعية ليتوازى الخطان الأمني والخدمي.