كنت فين يا لحمة.. لما كنا جزارين؟!

TT

يوجد بالمكسيك تمثال جميل يطلق عليه اسم غريب هو: (In spite of) - يعني (بالرغم) - وأطلقوا عليه هذا الاسم تخليدا للفنان الذي نحته.

وقصة ذلك الفنان أنه قبل أن يتمه حصل له حادث أدى إلى بتر يده اليمنى التي يعتمد عليها في العمل، ومع ذلك صمم أن يتم عمله، فانقطع عدة أشهر يدرب يده اليسرى - مثلما كنت أنا أدرب قدمي اليسرى في الزمان الغابر عندما كنت ألعب كرة القدم، لكي أكون نابغة زماني تأسيا بـ(بيليه)، كانت النتيجة المفجعة أنني لم أحسن اللعب بقدمي اليسرى، ونسيت اللعب بقدمي اليمنى، يعني أصبحت مثل (معايد القريتين)!!

طبعا المبدعون والموهوبون ليسوا على شاكلتي الفاشلة، لأن ذلك النحات الفنان استطاع في النهاية أن يكمل التمثال بطريقة بهرت كل من شاهده فيما بعد.

وعليكم أن تعلموا أنه (برغم) العمى استطاع (أبو العلاء المعري) أن يصوغ أروع الأشعار، ورغم الصمم استطاع (بتهوفن) أن يؤلف أعظم (السيمفونيات)، وبرغم المرض والإدمان وقلة الجمال استطاعت (اديث بياف) أن تعصر قلوب الفرنسيين بغنائها الشجي عدة عقود، وما زالت تعصرها، ومعهم قلبي كذلك.

***

بعض الناس يمارسون في حياتهم ما يسمى (بقبلة الموت)، وهي قبلة تكتم الأنفاس، وتؤدي بمن يتلقونها إلى الموت البطيء.

ويمارسها مع الأسف بعض المسؤولين والنافذين مع من هم في حاجتهم، بل إن بعض الآباء يمارسونها مع أبنائهم كذلك.

وهذه القبلة الرهيبة قوامها (حب السيطرة) أحيانا حتى مع من يحبونهم. إنهم لا يتركون لهم الفرصة لكي ينموا وينضجوا ويبدعوا، إنهم يريدون كل نماء ونضج أن يكون من خلالهم وعلى أياديهم التي تلقمهم الخبز قطعة قطعة، ولهم هم وحدهم الفضل أولا وأخيرا.

إن هؤلاء المتسلطين قد يكونون كرماء محبين فعلا، غير أنني أشبههم بشجرة باسقة كبيرة تنمو في إندونيسيا تسمى شجرة (الأوباس)، تلك الشجرة تفرز سما قاتلا تفتك بكل النباتات التي تحتها، ومن لم يمت تحتها يعيش ضعيفا هزيلا ذاويا.

إنها شجرة جميلة ظليلة، ولكن ما فائدة جمالها وظلالها، إذا كان سيُحكم على كل من يعيش تحتها وفي كنفها أن يعيش مستعبدا وذليلا؟!

***

نشرت مواقع (إلكترونية) وبعض الصحف تصريحا منسوبا للدكتور الواعظ المصري القطري الشيخ (يوسف القرضاوي) يصف فيه معارضي جماعة (الإخوان المسلمين) بقوم لوط (!!)

أتمنى أن يكون ذلك التصريح مغلوطا، أما لو كان صحيحا، فلا بد أن يتفجر في أذهاننا السؤال التالي: هل هذا الكلام يمت بصلة لبرنامج (الشريعة والحياة) الذي يتحفنا به الشيخ منذ سنوات عبر قناة (الجزيرة)؟!

***

أسخف جملة سمعتها من رجل مسن في أحد (المولات)، عندما عبرت بجانبه فتاة مكتملة النضج من جميع النواحي، فقال لها: كنت فين يا لحمة.. لما كنا جزارين؟!

[email protected]