دماء السياحة العربية

TT

من الملامح المشتركة بين مصر وتونس ولبنان، وربما سوريا أيضا إلى حد كبير، أن السياحة فيها تعتبر موردا رئيسيا من موارد الاقتصاد الوطني.

ومن الملامح المشتركة أيضا بين هذه البلدان مرورها بهزات؛ بل زلازل أمنية وسياسية، الأمر الذي يعني هروب السياح وجفاف سوق السياحة، التي يعتبر فيها الأمن شرط ضرورة ووجود وليس شرطا تكميليا.

الأسبوع الماضي كان بئيسا بالنسبة للسياحة والسياح في داخل لبنان، أو حتى خارجه بالنسبة لبعض اللبنانيين.

بعد اضطرابات طرابلس وبيروت على أثر سجن ناشط إسلامي من أهالي طرابلس ثم مقتل شيخ سني، وما ذكر عن إيقاف شخص قطري في خضم التوتر الأمني، أصدرت كل من الإمارات وقطر والبحرين ثم الكويت تحذيرات لرعاياها من خطورة الوضع الأمني في لبنان. الأمر الذي شكل ضربة مؤلمة لسوق السياحة في لبنان على بوابة الصيف.

بعده تم التعرض لما وصف بأنه قافلة حجاج لبنانيين شيعة عائدين مع عوائلهم من العراق مرورا بالأراضي السورية، واتهمت مجموعات تابعة للمقاومة السورية ضد النظام الأسدي القمعي، بأنها خلف الحادثة، خصوصا بعد إفراج الخاطفين، لحسن الحظ، عن النساء والأطفال والإبقاء على الرجال للمقايضة بهم بمن هم في سجون الأسد.. أيضا كما يقال، لأن قيادات في الجيش الحر تنفي وقوف أحد منها خلف هذه الحادثة.. والله أعلم بحقيقة الأمر في ظل هذا الضباب الكثيف من الفوضى والاسترخاء الدولي «القبيح» تجاه نصرة الحقوق السورية.

بعد هذه الأحداث بقليل، ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أن ثلاث لبنانيات لقين مصرعهن، وجرح آخرون بانفجار عبوة ناسفة في حافلة كانت تقل زوارا من شيعة لبنان في العراق.

بعيدا عن الجانب السياسي في هذه الأحداث، يجب أن نعي أن ثمة كارثة كبرى تضاف إلى كوارث هذه الفترة العصيبة، بعد اندلاع النزعات الطائفية والانقسامية ورواج سوق المتاجرة السياسية بالدين، والتدخل الدولي والإقليمي الحاد، ونأتي الآن إلى أزمة اقتصادية معيشية، ستظل معنا لأمد مديد، إلى أن يتعافى حقا المجال السياحي.

وزير السياحة اللبناني فادي عبود صرح في وقت سابق للصحافيين، بأن السياحة في لبنان خسرت نحو 350 ألف سائح، كانوا يأتون عن طريق المعابر البرية، مضيفا في تصريح منفصل أن القطاع السياحي يساهم بنحو 20 في المائة من الناتج القومي المحلي. هذا قبل أحداث طرابلس وبيروت والحجاج اللبنانيين في العراق وسوريا.

في مصر التي تقف على فوهة أزمة اقتصادية كبرى، فإن هذا المورد السياحي الحساس يضخ في شرايين الاقتصاد المصري عشرات المليارات ويشغل قسما كبيرا من القوة العاملة في مصر، وتشكل عائداته أحد أهم موارد الدخل القومي، وقد انخفضت إلى 8.8 مليار دولار في عام 2011 مقابل 12.5 مليار في 2010، وفقا للأرقام الرسمية.

هذه مجرد نظرة عابرة على حقائق تمر سريعا في صخب السياسة والإعلام، رغم أنها حقائق لها أثر عميق ومعيش على مصائر مجتمعات وأسر كثيرة تعتاش من هذا النشاط..

في الزحام والصخب تضيع الآهات المخنوقة.

[email protected]