مرسي لن يهنأ بها وشفيق سيشرق بها

TT

سيناريو الأوضاع في مصر بات الآن أكثر تشابكا، وستمر مصر بمرحلة من التوتر بعد أن اتضحت هوية الفريقين اللذين سيلعبان على بطولة دوري الانتخابات الرئاسية التي تشهدها مصر، فريق (الإخوان) بقيادة الكابتن محمد مرسي، وفريق (النظام القديم) بقيادة الكابتن أحمد شفيق، مباراة بطولة ساخنة جدا لا تقل عن سخونة بطولة دوري بين الغريمين التقليديين الأهلي والزمالك.

فلو فاز الدكتور محمد مرسي ممثل حزب الحرية والعدالة الإخواني فستجد حكومته شيئا من الراحة المحدودة في التعامل مع مجلسي الشعب والشورى اللذين يمثل الإسلاميون فيهما والمتعاطفون معهم نسبة مريحة، لكن الحكومة «المرسية» ستجد صعوبة أشد في حكم البلاد لأن «المباركيين» ما برحوا يسيطرون على مفاصل الدولة العسكرية والسياسية والأمنية والإعلامية والاقتصادية، وحتى لو تمكن الدكتور مرسي من تغيير القيادات فإن القواعد (المباركية) متجذرة في كل شيء.

ولكي تتضح الصورة أكثر أعطي مثالا واقعيا، الجيش الباكستاني على تعاقب القيادات السياسية المتناقضة في انتماءاتها وأجندتها، الرؤساء بوتو الأب، وبوتو البنت وضياء الحق ومشرف وشريف وغيرهم، وعلى الرغم من قدرة هؤلاء السياسيين على تغيير قيادات الصف الأول في الجيش، لكن أصابهم الإعياء والضنك في محاولة ترويضه، وحتى أميركا بضغوطها ونفوذها السياسي والاقتصادي أرهقت في محاولة إدخاله في بيت الطاعة، وكانت ضربة الفشل الأميركي القاضية حكاية اختفاء بن لادن في بيت على مرمى حجر من قواعد الجيش والاستخبارات الباكستانية.

وهذا بالضبط ما جعل النقاد حتى من الإسلاميين المتعاطفين مع حزب الحرية والعدالة الإخواني يلومونهم على سياستهم «الاستحواذية» القائمة على السيطرة على كل شيء، مجلس الشعب والشورى والدستورية وأخيرا رئاسة الجمهورية، وكان المفروض أن يتركوا رئاسة الجمهورية لغيرهم، وهذه كانت ستشكل - لو فعلوها - رسالة تطمينية لكل القوى السياسية المصرية، هذا ناهيك عن أن الرئيس «الغير» سيكون لهم بمثابة كاسحة للألغام المباركية المزروعة في كل مكان لو أحسنوا اختياره، تماما مثلما فعلت النهضة في تونس حين وضعت المرزوقي كاسحة لألغام بن علي، نعم لا تتفق النهضة مع المرزوقي في الفكر لكنها تتقاطع معه في خصومة بن علي ومسح آثار مشيته.

أما لو فاز الفريق أحمد شفيق برئاسة الجمهورية فالسيناريو متقارب وإن كان بصورة مقلوبة، فالإسلاميون بشكل عام والإخوان بصورة خاصة الذين باتوا الآن أكثر قوة ونفوذا سينهكونه. وإذا كان مبارك وقبله السادات وعبد الناصر - وهم أصحاب السلطات المطلقة - قد شكل الإخوان لهم شوكة في خاصرتهم ولم يتمكنوا هؤلاء الزعماء من ترويضهم أو تقليص نفوذهم على الرغم من التعذيب والاعتقالات والتضييق السياسي والمعيشي والحرب الإعلامية الرهيبة التي سلطت عليهم وعلى فكرهم، وذلك بسبب نفوذ الإخوان وإتقان تنظيمهم وتأثيرهم الكبير في المجتمع. فكيف برئيس ما بعد الثورة وبصلاحيات مختزلة مع وجود برلمان يستمد جذوره من انتخابات شرعية شهد العالم كله بنزاهتها؟