قمة روسية ـ أميركية

TT

التحسن في الأداء الاقتصادي الروسي له تأثيراته السلبية على منطق «السيادة الأميركية» المتفردة في إدارة شؤون العالم. وكأننا نعود مرة أخرى إلى زمن توازن القوى الدولية، ودخول القضايا الكبرى في حالة استقطاب حادة.

وعقب عودة بوتين مرة أخرى ليلعب دور «قيصر الكرملين» غير المتوج، فإن السياسة الروسية سوف تدخل مرحلة «إثبات الوجود» في القضايا الرئيسية، ليس بهدف إرساء مبادئ، ولكن من أجل «المقايضة» عليها اقتصاديا وسياسيا وأمنيا!

وقد أكد لي خبير في الشؤون الروسية أن عصر الالتزام الآيديولوجي الذي كانت تعيشه البلاد عقب الثورة البلشفية التي قامت عام 1917، قد انتهى بسقوط الاتحاد السوفياتي التقليدي وإعادة رسم خريطة البلاد.

من هنا يمكن فهم الموقف الروسي من 4 قضايا جوهرية:

1 - الموقف الروسي من دعم النظام السوري في صراعه مع الداخل والخارج.

2 - الموقف الروسي من العقوبات أو الإجراءات العسكرية ضد النظام الإيراني.

3 - السياسات الروسية الاقتصادية تجاه ما يعرف باسم «منطقة اليورو» الاقتصادية.

4 - التنسيق الروسي - الصيني في العديد من المواقف في مجلس الأمن من ناحية، إلى جانب تدعيم التبادل التجاري، وصولا إلى القيام بمناورات عسكرية مشتركة.

هذه الملفات هي «أوراق ضغط» بهدف المقايضة السياسية مع الإدارة الأميركية المنشغلة بالأزمات الاقتصادية الداخلية، وضرورة سحب القوات من أفغانستان والعراق، والتعامل مع ملفات إيران وسوريا من دون التورط في أعمال عسكرية جديدة. ولا بد هنا من فهم السلوك السياسي لكل من بوتين وأوباما الآن. أوباما رئيس في مرحلة انتخابات رئاسية يحتمل فيها أن يفوز أو أن يخسر، بينما بوتين دخل الكرملين منذ أسبوعين وأمامه سنوات مريحة داخليا من دون تحديات سياسية كبرى تتهدده.

في ظل هذه الملابسات والظروف والقواعد الحاكمة سوف تتم أهم قمة روسية - أميركية بين بوتين وأوباما في الشهر المقبل. وما تسرب عن هذه القمة هو وجود مسودات لعدة قضايا، منها الوضع في سوريا، وإيران، يمكن أن تحظى بتوافق حل وسط قابل للتنفيذ لأول مرة بين موسكو وواشنطن.

المسودة الأولى تطرح أفكارا عن خطة لرحيل الدكتور بشار الأسد ونظامه بناء على ترتيبات قانونية ودستورية مماثلة لذات الصيغة التي خرج بها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح.

المسودة الثانية تتحدث عن ضرورة وجود دور روسي يقنع إيران بالدخول في مفاوضات جادة لإيقاف عمليات التخصيب النووي وتجميدها مقابل إيقاف العقوبات وإعادة تأهيل إيران مرة أخرى داخل المجتمع الدولي.

مرة أخرى يعود العالم إلى صيغة حبس الأنفاس بانتظار اتفاق روسي - أميركي!