هل يكفي طرد سفراء الأسد؟

TT

لو أن عاصفة طرد سفراء ودبلوماسيي الأسد كانت قد هبت قبل ثمانية أشهر من الآن لربما كانت ستصبح لها مدلولات، وربما تأثير، على نظام بشار الأسد. لكن طرد أكثر من سفير ودبلوماسي أسدي من العواصم الغربية اليوم، وبعد قرابة 14 شهرا من عمر الثورة السورية، ومقتل أكثر من 13 ألف من السوريين، لن يكون بالأمر المجدي.

فطرد السفراء والدبلوماسيين يفترض أن يكون لفرض عزلة على نظام الطاغية، وسحب الشرعية عنه، وهذا بالطبع أمر واقع، منذ قرابة ثمانية أشهر. ويجب ألا ننسى أن دول الخليج قد بادرت إلى فعل الأمر نفسه، ومعها بعض الدول العربية، من قبل، كما قامت الجامعة العربية، وبكل عللها، بتعليق عضوية النظام الأسدي، ثم تأتي الدول الغربية الكبرى، أو تركيا، لفعل هذا الأمر اليوم وبعد سيل من الدماء السورية، فبالطبع إنه أمر غير مجد، لأنه تأخر كثيرا! وكما يقول لي دبلوماسي عربي رفيع فإن الخطوة الغربية بطرد سفراء الأسد تعني أيضا أن المجتمع الدولي ليس بصدد القيام بخطوات جدية تجاه طاغية دمشق، رغم كل هذه المجازر المتوالية، بل ها هو العالم يفيق على مجزرة جديدة، وبعد أيام من مجزرة الحولة!

ولذا، فإذا كان المجتمع الدولي غير راغب، أو قادر، على القيام بعمل عسكري حقيقي لوقف آلة القتل الأسدية، خصوصا في ظل انشغال الرئيس الأميركي في الانتخابات القادمة، فإن الواجب فعله اليوم، غربيا وعربيا، هو التصدي للدعم الروسي لنظام طاغية دمشق. فما يحدث في سوريا يجب ألا يلام عليه الأسد وحده، بل إن معه موسكو أيضا، فالدعم الروسي للأسد تجاوز كل الحدود، حتى إن الروس أنفسهم باتوا يستشعرون ذلك، وباتت لغتهم الدبلوماسية في الدفاع عن الأسد ضعيفة ومرتبكة، وأبسط مثال هنا تصريحات النائب الأول لوزير الخارجية الروسي أندريه دينيسوف التي كان يبرر فيها موقف بلاده تجاه الأوضاع في سوريا بالقول إن «هناك مبدأ في الطب يقول لا تجعل الأمر أسوأ.. ينبغي ألا ننساه. الأهم أن نبقى واقعيين حول ما يحدث في سوريا». والحقيقة أن كل حريص على السلم الاجتماعي السوري، بل وبقاء الدولة السورية ككل، وبالطبع أمن المنطقة الإقليمي، بات يعي أن العلاج الوحيد لسوريا هو زوال حكم بشار الأسد، وبأسرع وقت ممكن، وإلا سيصبح الثمن مكلفا جدا، وهذا ما نقوله، ويقوله العقلاء، منذ فترة ليست بالقصيرة.

ومن هنا فإذا كان المجتمع الدولي لا يريد اتخاذ موقف عسكري، أو فرض مناطق آمنة وعازلة على الأراضي السورية من شأنها تأمين مناطق حماية للمنشقين من العسكر السوريين، وحتى من يريد الانشقاق من الرموز السياسية السورية، أي أن تكون هناك بنغازي سورية، فإن على المجتمع الدولي، وكذلك العرب الفاعلين، التحرك اليوم جديا لاتخاذ مواقف حقيقية تجاه روسيا لتتوقف عن دعم طاغية دمشق وآلة قتله. أما طرد السفراء والدبلوماسيين فإنه أمر غير مجد اليوم، ولا يكفي على الإطلاق، حيث إنه لن يوقف آلة القتل الأسدية، وهذا هو الأهم من كل شيء.

[email protected]