الاستغناء عن خدمات بشار!

TT

فجأة حصل كر متواصل لأعداد الدول حول العالم التي قررت أن تطرد السفراء والدبلوماسيين السوريين من أراضيها، كإشارة واضحة على تصعيد دولي جاد على الصعيد الدبلوماسي، وذلك كرد فعل مباشر على مذبحة الحولة التي أذهلت العالم وروعته من هول المشاهد وعظيم الضحايا، وأجمع العالم على أن الطرف الأساسي الذي يتحمل مسؤولية هذه المذبحة المؤلمة هو النظام السوري نفسه الذي أضاف لنفسه واقعة جديدة من إرهاب الدولة الذي يمارسه ضد شعبه بأشكال وصور مختلفة عبر عهود طويلة جدا من الزمن. ومع هذا الحراك الدبلوماسي خرجت أربعة تصريحات مختلفة، ولكن لافتة، تشير إلى جاهزية الحراك العسكري من قبل دول الغرب، فقائد الأركان الأميركي ومسؤول تنفيذي كبير في أستراليا والرئيس الفرنسي ووزير خارجية بلجيكا، جميعهم، وفي مناسبات منفصلة، أكدوا أهمية حصول التدخل العسكري في سوريا لإنهاء عنف النظام ضد الشعب.

واضح جدا أن المهمات العربية والدولية فشلت فشلا ذريعا جدا، وأن المهل الممنوحة للنظام الواحدة تلو الأخرى لم تعد مجدية، ووتيرة العنف زادت نوعيا وعددا بشكل واضح. عنف النظام ووحشيته وجنونه أصبح لا يميز بين المناطق والمدن ولا الطوائف ولا الأعمار.. إنه قصف وإبادة بلا وعي ولا إدراك.. وطبعا كان هناك التحفظ والاعتراض الروسي الاستباقي على أي حراك دولي عسكري للتدخل في سوريا بالإعلان عن موقف روسيا وأنها ستعترض في مجلس الأمن على ذلك بحق النقض. الواقع على الأرض يتحدث بلغة أخرى تماما. أكثر من 50 في المائة من الأراضي السورية اليوم باتت خارج سيطرة النظام. دبلوماسيا النظام يفقد صلات الوصل المطلوبة بالحدود الدنيا، ويخسر مواقع مهمة. إعلاميا الصورة الذهنية تتكرس بقوة وباستمرار مع الوقت، بأن النظام هو وحده المسؤول عن الإجرام الحاصل في سوريا بكل صوره.

الوضع الاقتصادي يزداد سوءا ويتدهور على كل الأصعدة، والحال المعيشي في أسوأ مراحله وأيامه، واليوم النظام لا يفعل شيئا، حقيقة، إلا الصرف على الجيش وقوات الأمن المعنية حصريا بحماية رموز النظام، وهذه مسألة لا يمكن أن تبقى مستمرة إلى ما لا نهاية وبشكل مفتوح. سوريا لجأت (وستزيد من هذا الأمر) إلى فتح جبهات «أخرى» لشغل دول الجوار عن دعم الثوار، فهي تدعم حركات الأكراد المناهضة لتركيا، وقامت بالاشتراك مع المخابرات الإيرانية (بحسب صحيفة «زمان» التركية) بتدريب عناصر كردية لتنفيذ عمليات إرهابية وتفجيرات بتركيا، ومعروف ما يحصل في طرابلس من حراك بمباركة مخابراتية سورية لضرب عناصر دعم الثورة السورية في لبنان، وهناك العديد من الشهود المؤيدين لذلك. وهناك العديد من التهديدات التي وجهها النظام السوري للأردن لتحذيره من احتواء أي عناصر داعمة للثورة، ومعروف دعمه لبعض مظاهرات «الهتيفة» ضد الحكومة الأردنية. وطبعا في العراق هناك تناغم ودعم تام بين حكومة المالكي ونظام بشار الأسد. كذلك لا يمكن إغفال أن النظام السوري نجح في إطلاق فزّاعة «القاعدة»، وشغل الناس بالتفجيرات الإرهابية والقتل المهول والإشارة إلى أن ذلك من صنع الجماعات الإرهابية عن طريق التصريحات الحكومية الرسمية والإعلام المصاحب له.. لكن أحدا لم يقتنع، وتستمر الثورة ويستمر الدم. سوريا مستمرة في حزنها وغارقة في دموعها ودمائها، وعُرف القاتل وظهر المسؤول والعالم لم يستطع إخفاء تخاذله وتواطئه مع هذا النظام.

هناك قناعة بأن قرار الاستغناء عن بشار الأسد وخدماته قد صدر، والعالم ينتظر التنفيذ.

[email protected]